العتبة العسكرية المقدسة في العراق

العتبة العسكرية المقدسة في العراق

يضم العراق الكثير من المواقع الإسلامية الدينية، حيث تزدهر فيه السياحة الدينية كونه يضم العديد من المراقد والقبور الدينية الهامّة والجوامع، بما في ذلك العتبة العسكرية المقدسة. 

العتبة العسكرية

العتبة العسكرية

تعتبر العتبة العسكرية قلب المدينة ومركز سياحي ديني مهم في العراق، حيث يزورها المسلمين عمومًا، فيما تعرف رسميًا بعدة أسماء، مثل: العتبة العسكرية المُقدّسة، أو الروضة العسكريّة الشَّريفة، وأحيانًا الجامع العسكري، وهي مجموعة من المباني التاريخية الدينية تضم ضريح الإمامين العاشر والحادي عشرعلي الهادي وابنه الحسن العسكري، وذلك تحت القبة الذهبية؛ وكذلك تضم الجامع الكبير ومسجد المهدي المشهور بسرداب الغيبة، بالإضافة إلى عدّة أبواب تاريخيّة.

يجدر الذكر أنّه يُحيط بهذه المجموعة منطقة سكنية وتجارية والعديد من الفنادق التي يمكن للسُياح النزول فيها.

موقع العتبة العسكرية

موقع العتبة العسكرية

يقع الضريح في العراق على بعد 124كم شمال بغداد، في مدينة “سر من رأى” أو كما تسمى الآن سامراء.

يضم الضريح أيضًا قبر نرجس زوجة الإمام الحسن العسكري، وكذلك قبر حكيمة بنت الجواد عمة الإمام الحسن العسكري، بينما الأضرحة الرئيسية الأخرى متوزّعة في  كل من حيّ الكاظمية الموجود في بغداد، وفي مدينتيّ النجف وكربلاء.

يعتقد الكثيرون أن الإمام الثاني عشر المهدي ابن الحسن العسكري قد اختفى في العام 878م من قبو هذا الضريح.

خريطة العتبة العسكرية

مراحل بناء العتبة العسكرية

ندرج فيما يأتي مراحل بناء العتبة العسكرية:

1- العمارة الأولى: (289ه‍/ 902م)

تم نصب شباك مشرف على الشارع في جدار الدار الذي يحوي تلك القبور الشريفة، وذلك بعد موت الخليفة العباسي المُعتضد.

يُعدّ هذا الشباك أول منفذ يطل منه الزائرون على القبور الشريفة في الدار، واستمر هذا الأمر لما يقرب من واحد وأربعين سنة، حيث بقيت الدار على حالها دون أن تمسها يد الإصلاح.

قام بعض الناس في بغداد بتعهّد الروضة المُطهّرة وخدمتها والاهتمام بشؤون الزائرين كون المنطقة خالية من ساكنيها، كما نظّموا القوافل لمُرافقة الزوّار إلى سامراء في المُناسبات والعودة بهم إلى بغداد.

2- العمارة الثانية: (332 ه‍/44–945م)  

 قام صاحب الموصل وما يليها الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان التغلبي الملقب بناصر الدولة الحمداني بتشييد الدار من جديد، حيث رفع أجداث قبور كل من الإمامين وكللهما بالستور.

بنى كذلك قبّة صغيرة عليهما، وأحاط مدينة (سُرّ من رأى) بسورٍ ليشعر ساكنوها بالأمان، حيث كان بمنصب أمير الأمراء، ويجدر الذكر بأنّه الأخ الأكبر لسيف الدولة الحمداني، وقد بنى أيضاً دورًا حول دار الإمام وأسكن فيها جماعة.

3- العمارة الثالثة: (337ه‍/48– 949 م)  

أكمل  أبو الحسن أحمد بن بويه بن فناخسرو الملقب بلقب معز الدولة البويهي عمارة الحمداني، وشيّد بعد دخوله سامراء أول عمارة على شكل مزار؛ حيث قام بتأسيس الدعائم وتعمير القبة التي على الضريحين وسرداب الدار مُغيرًا بذلك طرز البناء، كما أقام صندوقاً خشبياً على القبرين؛ ولكثرة ما أخذ الناس من تراب حوض الدار للبركة أصبحت كالبئر، حيث كان الإمام العسكري عليه السلام يتوضّأ به أحيانا، لذا قام مُعز الدولة بملئه بالتراب وسوّر بناء صحن الدار بعد أن جدّده مُنفقًا بذلك أموالًا كثيرة، وعهِد معز الدولة للكتّاب والقائمين على الروضة أن يتولوا خدمة زوارها مقابل مرتبات شهرية.

قام أبو شجاع فناخسرو الملقب بعضد الدولة بزيارة سامراء سنة (368ه‍/78–979م)، وأمر بتوسعة صحن الدار؛ وقام بتعمير أروقته ووضع سياج حول المرقدين، كما وضع الديباجة على الضريحين وبنى سورًا للمرقد، علمًا أنّه حصل حريق في بعض أطراف المرقد سنة (407ه‍/16–1017م)، ويبدو أنّها كانت أضرارًا طفيفة.

4- العمارة الرابعة: (445ه‍/1053 م)  

ترك أبو الحارث أرسلان بن عبد الله البساسيري بغداد، وهو أمير تركي من مماليك بني بويه، واستقر بمدينة تكريت، حيث أمر بإعادة بناء المرقد الشريف بعمارة عالية تليق بالإمامين العسكريين عليهما السلام، فأعاد بناء القبة والضريحين من جديد.

يُعدّ أول من قدّم قطع ذهبية لمرقد الإمامين عليهما السلام، حيث وضع صندوقين من الساج على القبرين، وجعل رماناتهما من الذهب، توفي أبو الحارث سنة (451ه‍/1060م). 

5- العمارة الخامسة: (495ه‍/1102م) 

قام رابع سلاطين السلاجقة الملك بركيا روق ابن ملك شاه السلجوقي أبو المُظفّر ركن الدين بتكليف وزيره مجد الدولة القيام بالترميمات والإصلاحات اللازمة لمرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام؛ حيث قام الوزير بترميم قبة وصحن ورواق الدار، والإيعاز بإعادة تشييد سور للمرقد الشريف، واختيار أغلى وأجود أنواع الخشب لتجديد جميع أبواب الروضة العسكرية، وتوفيّ الملك بركيا في الثاني من ربيع الأول سنة (498ه‍/1104 م).

6- العمارة السادسة: (606ه‍/9–1210 م)  

قام أبو العباس أحمد بن المستنجد العباسي والمُلقّب بالناصر لدين الله بتعمير القبة فوق الضريحين، وجدّد بناء سرداب دار الإمام، كما قام بكتابة اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع اسم ابنته الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام وأسماء الأئمة الاثني عشر عليهم السلام على باب خشبي من داخله في شباك، ووضعه على  سقيفة في آخر السرداب، وكتب من الخارج اسم الناصر لدين الله مع آيات قرآنية، وما زال الباب موجودًا إلى يومنا هذا وعليه آثار حريق، كما قام الناصر لدين الله ببناء مئذنتين وتزيين الروضة الشريفة من الداخل.

7- العمارة السابعة: (640ه‍/1243م)  

أمر منصور بن محمد الظاهر بن الناصر المُلقّب بالمستنصر لدين الله العبّاسي بإعادة بناء عمارة المشهد الشريف والروضة المباركة وما يُحيط بها بعد أنْ شبّ حريق داخلها، حيث احترق الفرش والصندوقان اللذان أهداهما البساسيري، حيث أمر باستبدال الصندوقين وإزالة كافّة آثار الحريق عن العمارة، وأشرف السيد جمال الدين أحمد بن طاووس على كافّة أعمال البناء والصيانة بتكليف من المستنصر.

8- العمارة الثامنة: (750ه‍/1349م)  

أمر الأمير أبو أويس الشيخ حسن بزرك الجلائري بنقل المقابر التي في صحن المرقد والمتزايدة يومًا بعد يوم إلى الصحراء في مقبرة خاصّة، وشيّد قبة الدار من جديد، كما قام بتزيين الضريح الساجي، وبناء بهو أمام المرقدين، وتوفي سنة (757ه‍/1356م) بعد أن قام بالعديد من الخدمات الجليلة.

9- العمارة التاسعة: (1106ه‍/1694م)

ترك الخدم سراج الموقد في مكان غير مُناسب، حيث أدّى سقوط نار منه على بعض الفرش إلى وقوع حريق داخل الروضة المُشرّفة، التهمت فيه النيران صندوقيّ المرقدين والأبواب بعد أن سرت على الخشب، فأمر الشاه حسين بن سليمان الصفوي بصنع أربعة صناديق غاية في الترصيع والتزيين، ووزعها بالتساوي على ضريحيّ الإمامين العسكريين عليهما السلام، وضريحيّ السيدتين الكريمتين نرجس وحكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام، وقام بتدعيم البناء ووضع شباك فولاذي فوق الصناديق، حيث كـُتب اسم الشاه حسين على واجهته لاحقاً، وأمر بفرش الرخام في أرض المرقد، بالإضافة إلى تزيين الروضة بخشب الساج من الداخل.

قام مجموعة من العلماء والأعيان الإيرانيين بمرافقة الصناديق والهدايا إلى سامراء والإشراف على وضعها بأمر من السلطان، حيث كان دخولهم يومًا مشهودًا.

10- العمارة العاشرة: (1200ه‍/1786م)  

قام الملك المؤيد الشهيد أحمد خان الدنبلي ببناء عمارة المشهد المقدس للإمامين العسكريين عليهما السلام، حيث وكّل  الميرزا محمد رفيع السلماسي، وهو أحد علماء تلك الفترة، برصد المبالغ اللازمة للبدء بعمارة الروضة والسرداب باستخدام الرخام والحجر الصوان، وأشرف الميرزا على نفقات عمليات البناء و الصيانة.

في سنة (1202ه‍/1788م) بقيّ للسرداب باب من الجهة الشمالية فقط، حيث تم ردم الباب من جهة القبلة، وتم تغيير البناء ليُحاكي مرقد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والموجود في النجف الأشرف، وشمل البناء الصحن والرواق والإيوان، حيث تمّت إضافة صحن آخر، ورواق ينتهي إلى السرداب، وتم تغيير الأبواب الخشبيّة وتجديد بناء السور؛ وكلّف هذا التجديد الكثير من المبالغ الطائلة، حيث بنيت وفق أحدث فن هندسي وأجمل طراز، وشمل الإعمار ضريحيّ السيدتين نرجس وحكيمة رضي الله عنهما.

قتل الأمير أحمد خان في نفس العام ودفن في سامراء في رواق الإمامين، وحلّ محلّه ابنه حسين قلي خان، مواصلًا عمل والده، حيث زيّن بالنقش جامع السرداب، وقام بكتابة الآيات القرآنية على أركانه، وأكمل بناء البهو والأبواب، وزيّن القبة باستخدام القاشاني الأزرق المُعرّق، وجهّز قبرًا لنفسه في الرواق إلى جانب قبر أبيه ليدفن فيه سنة (1207ه‍/92–1793م)، واستمر الميرزا محمد رفيع بعمله في الإشراف والإنفاق على مشاريع البناء والإعمار حتى اكتمالها عام (1225ه‍/1810م).

11- العمارة الحادي عشر: (1285ه‍/1868م)  

قام ناصر الدين شاه القاجاري بتعمير بناء الروضة المُطهّرة وجدّد الأرضية بالرخام الأخضر الذي جلبه من إيران، وبدّل الشبّاك الفولاذي بآخر فضّي مُذهّب التاج، وفرش أرضها بالرخام، وكُسيت القبّة المُنورة وأطراف المنائر لأوّل مرّة  بالذهب، ووضع المرمر لأرضية الصحن والرواق والبهو، مع إصلاح بعض جوانب الصحن المُنهارة وتبديل الأبواب، وقام بترميم السور الذي بناه الدنبلي، ونصبت الساعة الموجودة حاليًا على السور فوق الباب الرئيس للصحن على السور، وتُعدّ هذه الإصلاحات آخر عمارة أساسيّة لمرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام، حيث كان يزداد اتساعًا ورونقًا في كلّ مرّة.

زار ناصر الدين شاه في سنة (1287ه‍/1870م) كربلاء وسامراء والعتبات المُقدّسة في النجف الأشرف محملًا بالكثير من الأموال والتحف والهدايا، وكذلك أُجريت بعض الإصلاحات الخدميّة بعد الزيارة، كتبديل الأبواب وتذهيب الشباك وإجراء توسعة حول الصحن الشريف. 

12- التوسعة الثاني عشر: (1341ه‍/22–1923م)  

تم توسيع الطرقات حول الصحن وبين الدور التي تُحيط به في عهد فيصل الاول ملك العراق، وتم إيصال المياه إلى الصحن المُقدّس عبر الأنابيب في سنة (1343ه‍/24–1925م)، تبعه إنشاء أماكن مُخصّصة للوضوء لتسهيل زيارة أفواج الزائرين بالإضافة إلى تجهيز دورات المياه الصحية. 

تمت إنارة الروضة لأول مرة بالكهرباء في سنة (1349ه‍/30–1931م)، حيث وضع مُولّد كهرباء خاص بالمرقد ويعمل بالديزل، وعلقت الثريات ونشرت المصابيح في الروضة.

تم نصب شباك الإمام الحسين عليه السلام على ضريح الإمامين العسكريين في سنة (1360ه‍/1941م) بعد ترميمه ونقله من كربلاء إلى سامراء، وتم إصلاح الصندوقان الموجودان على الضريحين من قبل محمد صنيع خاتم.

تم التبرع بشباك جديد فضي مُذهّب من قبل جماعة من الوجهاء العراقيين والإيرانيين في سنة (1381ه‍/1961م)، ويبلغ عرض الشباك 3 أمتار وطوله 6 أمتار، وارتفاعه 50/2 مترًا.

فرش الحرم المطهر بالسجاد الثمين سنة (1386ه‍/1966م) عدا الرواقات، حيث تبرّع بعض المؤمنين به من التجار العراقيين والإيرانيين.

سبب تسمية العتبة العسكرية بهذا الاسم

سبب تسمية العتبة العسكرية بهذا الاسم

سُميت العتبة العسكرية بهذا الاسم لأنّها تضم مقام ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، وقد نصب شباك يُشرف على الشارع  في جدار الدار على تلك القبور التي بداخلها، فكان بعض الناس  يزورون الإمامين من وراء الشباك وتوالت العناية فيه عبر العصور المختلفة.

أبرز المعالم في العتبة العسكرية 

ندرج فيما يأتي أبرز المعالم التاريخية في العتبة العسكرية:

جامع الملوية

يُعدّ جامع الملوية أكبر الجوامع الأثرية بالشرق الأوسط من حيث المساحة، ومن أبرز الآثار والمعالم الموجودة في سامراء، ويُسمّى أيضا بجامع المئذنة الملوية، ويعود للقرن التاسع، وتُعدّ مئذنته الحلزونية أحد أهم الصروح العمرانية الفريدة.

يمتاز هذا الجامع بأنّه بُني على أرض مستطيلة مساحتها 27 ألفا و920 متراً، وذلك في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله بن المعتصم بالله، ويتسع لأكثر من 80 ألف مصلي.

يُعدّ الجامع من أبرز معالم عهد الدولة العباسية في مدينة سامراء، يحتوي على 15 باب للدخول إليه، بارتفاع يصل نحو 6 أمتار، ومتوّج بنوافذ ذات عقود مُدبّبة.

جامع أبو دلف

يقع جامع أبو دلف شمال مدينة سامراء، ويُعدّ من أكبر المساجد الإسلامية في العالم كله، وقد شيده الخليفة العباسي المتوكل على الله في عام 246 هـ/ 859م في مدينة بناها وسماها “المتوكلية”، وسميّ فيما بعد بمسجد “أبو دلف”.

بُني المسجد على غرار تصميم جامع ذي الملوية الكبير على مساحة مُستطيلة، حيث يبلغ طوله 260م وعرضه 180م، أمّا مساحته تبلغ 46800 متر مربع، ويتوسّطه صحن مكشوف تُحيط به أروقة مثل رواق “القبلة” الذي يُعدّ أكبرها، حيث يتكوّن من 3 بلاطات.

أمّا المئذنة فتقع خارج أسوار المسجد، وليس لها مثيل في العمارة الإسلامية، تُشكّل ممرات حلزونية متصاعدة 5 مرات، حيث تدور بعكس اتجاه عقارب الساعة في دلالة رمزية لتماثل الحركة في الطواف، لتنتهي بمصطبة تعلو 50 مترًا عن الأرض، وذلك على قاعدة مُربّعة ارتفاعها 3 أمتار.

مشاريع العتبة العسكرية

ندرج أهم مشاريع العتبة العسكرية:

  • افتتاح التوسعة الجديدة لمستشفى سفير الإمام الحسين عليه السلام. 
  • تأهيل محطات (الارو) لمياه الشرب المجانية في البصرة وكربلاء. 
  • إنشاء مركز أبحاث لمحاربة السرطان يربط بين كربلاء والأردن ومصر وبريطانيا. 
  • إنشاء مصنع لإنتاج الأدوية بمواصفات عالمية. 
  • افتتاح مشروع تسقيف المخيم الحسيني الشريف. 
  • إنشاء مجمع سكني لعوائل الشهداء في كربلاء المقدسة.
  • وضع حجر الأساس لمجمع مدارس للأيتام في كربلاء المقدسة.
  • افتتاح مركز خاص لمحوّ الأمية في محافظة الديوانية.
  • افتتاح مبنى العلى الأكاديمي في جامعة وارث الأنبياء.
  • افتتاح معمل الوارث لصناعة أجهزة التبريد في العراق.
  • إنشاء معمل إنتاج مواد البناء وفق المواصفات العالمية.
  • افتتاح أكبر مدينة زراعية في كربلاء لتأمين السلة الغذائية.
  • تشييد مطحنة نور السبطين لإنتاج الطحين.
مواقع مجاورة
عرض الكل