قصر القرار في بغداد

قصر القرار في بغداد

تزخر بغداد بمعالم تاريخها وحضارتها العريقة المتأصلة في القدم منذ العصر العباسي، حيث أنشأها الخليفة ابو جعفر المنصور سنة 762م (145 هجري)، ولجأ حينها إلى المهندسين وأصحاب المعرفة بالبناء، وأصبحت مدينة الحضارة والعلم منذ تأسيسها، حيث شُيد فيها المساجد المزخرفة والقصور الشاهقة والمُتنزّهات والأسواق المُتعدّدة.

التعريف بقصر القرار

يعتبر قصر القرار أحد قصور الدولة العباسية، وله عدة تسميات مرادفة منها دار القرار وكذلك قصر زبيدة، نسبةً إلى زبيدة بنت جعفر العباسيّة التي قامت ببنائه وتجهيزه ليسكنه ابنها الأمين، وتُعدّ زبيدة حفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة أبو جعفر المنصور، وزوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد.

سبب تسمية قصر القرار بهذا الاسم

يتداول بعض الأشخاص أنّ أصل تسميته تعني البركة أو المياه المستقرة؛ إلّا أنّه لا صحة في هذا القول، وإنما جاءت التسمية تيمنًا من القرآن الكريم من سورة غافر الآية 39، والتي يقول فيها الله تعالى: {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}.

وصف قصر القرار

كان لقصر القرار إيوان واسع فسيح فاتح اللون، حيث بُيض جدرانه حتى أصبح يُشابه لون البيضة، أما أبوابه فكانت ضخمة مُزوّدة بمصراع غليظ لكلٍ منها وتتلألأ فيها مسامير مصنوعة من الذهب، ورؤوسها مُزيّنة بالجواهر النفيسة، وقد مُد القصر بفرش لونه صبغ الدم، وتم تزيينه بنقوشات من ذهب ووضعت فيه تماثيل للعقبان، وانتشرت فيه رائحة العنبر والكافور والمسك، وزُرعت فيه صنوف الفاكهة المختلفة. 

عُرض على الأمين مبلغ قدره مليون درهمًا ثمنًا لأنقاض دار القرار والمباني المُجاورة وذلك عندما لاحت الغلبة لطاهر بن الحسين سنة 197 هجري (812م)، إلّا أنّ الأمين لم يوافق على ذلك، فدخل الطاهر القصر وحرق سقوف القصر المُذهّبة، وقتلوا من البشر الكثير.

أبيات شعرية ذُكر فيها قصر القرار

نزل الخليفة أبو جعفر المنصور في القصر أواخر أيامه، ثم استوطنه الأمين، حيث رثى الشاعر عبد الرحمن بن أبي الهداهد الأمين في عدة أبيات ذاكرًا قصر القرار حيث قال:

أقول وقد دنوت من الفرار                   سقيت الغوث يا قصر القرار

رمتك يد الزمان بسهم عين                   فصرت ملوحا بدخان نار

ابن لي عن جميعك أين حلوا                 وأين مزارهم بعد المزار

وأين محمد وابناه مالي                         أرى أطلالهم سود الديار

كأن لم يأنسوا بأنيس ملك                    يصون على الملوك بخير جار

إمام كان في الحدثان عونًا لنا                والغيث يمنح بالقطار

لقد ترك الزمان بني أبيه                       وقد غمرتهم سود البحار

أضاعوا شمس فجرت بنحس               فصاروا في الظلام بلا نهار

وأجلوا عنهم قمرًا منيرًا                        وداستهم خيول بني الشرار

مواقع مجاورة
عرض الكل