تاريخ ومعالم مدينة بابل الأثرية

تاريخ ومعالم مدينة بابل الأثرية

تعد بابل أشهر حضارة نشأت في بلاد ما بين النهرين القديمة، عاشت هذه الحضارة في القرنين الثامن عشر والسادس قبل الميلاد، وأشهر ملوكها هو الملك حمورابي، الذي وحد مناطق واسعة من بلاد ما بين النهرين والمناطق المجاورة في ظل حكمه، وبنى بابل، وأعلن نفسه ملكًا عليها.

بنيت العاصمة بابل على ضفاف نهر الفرات، حيث تقسم المدينة على ضفتيّ النهر، بسدود شديدة الانحدار لمنع فيضانات الأنهار في مواسم الأمطار، فيما ضعفت الإمبراطورية بعد وفاة حمورابي، حيث حكم من بعده ابنه سامسو إيلونا، وتحولت إلى إمبراطورية صغيرة، وقضت فترة طويلة تحت حكم الآشوريين الكيشيين وآخرين.

موقع مدينة بابل 

تقع مدينة بابل القديمة على ضفاف نهر الفرات، وتحديداً على بعد ما يقارب من مئة كيلومتر إلى الجنوب من بغداد. 

من الذي قام ببناء مدينة بابل؟

أسس مدينة بابل حمورابي عام 1763 قبل الميلاد، فيما استطاع هزيمة آشور عام 1760 قبل الميلاد، وأصدر قانونه “شريعة حمورابي”، وبذلك استمر حكم سلالة حمورابي لغاية عام 1595 قبل الميلاد.

بلغ عدد ملوك السلالة البابلية التي كانت تعرف بـ (السلالة العموريين) 11 ملكاً حكموا لمدة ثلاثة قرون (1894 ق.م – 1594 ق.م)، خلال هذه الفترة بلغت حضارة العراق أوج عظمتها وازدهارها، وانتشرت اللغة البابلية في المنطقة كلها، حيث تقدم العلم والمعرفة والفنون، وتوسعت التجارة إلى درجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة، فيما كانت الإدارة مركزية، وكان يحكم البلاد بقانون موحد سنه الملك حمورابي لجميع شعوبها.

خريطة مدينة بابل

تاريخ مدينة بابل

الدولة البابلية القديمة

أسس بابل العموريون (1894-1830 قبل الميلاد) بقيادة “سومو- آبوم” الذي بدأ ببناء سور حول بابل يسمى “خيرات إنليل”، وأكمل بنائه على يد خليفته “سومو لا إل”، بينما لاحظ حمورابي الذي يصنف سادس ملوك البابلية، الوضع السياسي للمدن القديمة بشكل مبكر، وعليه استطاع من استغلال فطنته بالسيطرة على الطرق التجارية في أضيق منطقة ما بين نهريّ دجلة والفرات، الأمر الذي جعل من بابل واحدة من أهم مدن المشرق آنذاك، وبعد ذلك خضع عيلام وسوبارتو واشنونا، وبات حمورابي سيد آشور، واستطاع فتح لارسا، وبناءً عليه امتدت دولته لتغطي مناطق كانت تمثل أراضي الدولة السومرية والأكدية، وكل ذلك جعلها في نهاية الأمر أقوى دولة في بلاد الرافدين. 

استطاع حمورابي من إثبات قوته وذكاءه في السياسة الخارجية، وعمل على تأسيس الكثير من الأبنية وشبكات الريّ، وقام بحكم البلاد بحسب قانون جزائي يعرف بقانون حمورابي الذي يشمل على 282 مادة قانونية.

بدأت حركات التمرد تظهر في المنطقة مع بداية حكم ابن حمورابي “شمشو- إلونا”، الأمر الذي دفعه إلى خوض الكثير من المعارك، لكن مع مرور الوقت بدأت سيطرة بابل أن تضعف، وكان لحركات التكرد والغزوات دور كبير في فقدانها قدرتها على ضبط بابل، وعليه انتهت دولة بابل القديمة خلال غزو ملك الحيثيين«مورشيلي الأول». 

حكام البابلية اللاحقين

المصادر التاريخية للفترة اللاحقة لعهد الدولة البابلية القديمة نادرة جداً، حيث حكم الكاشيون البابلية لمدة استمرت من 1530 حتى 1160 قبل الميلاد؛ أي 400 سنة، وتمكنوا آنذاك من توسيع نفوذ الدولة من الفرات إلى زاغروس، وخلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد جعلوا منها قوى إقليمية ملحوظة ضمن قوى العالم القديم آنذاك، والتي كانت تضم الدول الميتانية والحيثية والمصرية. 

خلال عام 1155 قبل الميلاد تم مهاجمة منطقة بابل من قبل دولة عيلام، والتي تمثل الأحواز في الوقت الحالي، وتمكنت من تدمير ونهب بابل. 

الدولة البابلية الحديثة

بدأت قيادة بابل على يد القائد العسكري ري نبو- ابلا- اُصر عام 625 قبل الميلاد، في وقت افتتاح عصر الدولة البابلية الحديثة، حيث عمل على توحيد الجماعات البابلية، وأقام التحالفات مع الميديين الذين كانوا يمثلون خلفاء عيلام ف السيطرة على المناطق الشرقية من بابل، إذ تم إجراء نوعاً من المعاهدة، وتزوج القائد من حفيدة الملك الميدي، وبفضل هذا التحالف استطاع مواجهة آشور والتوجه إلى نينوى العاصمة، والتي سقطت بعد حصار استمر لمدة ثلاثة شهور، وذلك خلال عام 612 قبل الميلاد.

حكم نيوخد نصر الثاني في الفترة ما بين 605-562 قبل الميلاد بعد وفاة نبو- ابلا- اُصر، واستطاع من أبراز قوته كرجل دولة وقائد وصاحب مشاريع ضخمة وصانع سلام، حيث تم خلال فترة حكمه إعادة بناء معابد كافة المدن في البلاد، بالإضافة إلى أنه أصدر أمراً بشق الفنوات المائية، وبناء السور المعروف باسم السور الميدي، إلى جانب بوابة عشتار. 

 استطاع نبوخذ نصر من إخضاع مناطق غرب الهلال الخصيب، وفرض جزية لبابل على كل من الإمرات والمملك والمدن، كما قام بمحاربة أي مدن حاولت التمرد، بما في ذلك أورشليم التي عمل على تدميرها ونقل جزء من سكانها إلى البابلية وبابل. 

خلال عام 562 قبل الميلاد استلم نبو- شوما- ؤكين خلافة الحكم بعد موت أبيه نبوخذ نصر، لكن لم تستمر فترة حكمه سوى لعامين، إذ انقلب عليه القائد العسكري نِرجال- شارّا- ؤصور، واستطاع نزع العرش منه، فيما ادت النزاعات مع الكهنة إلى تمكين نبو نيد من استلام العرش عام 556 قبل الميلاد، وبعد ذلك وقعت العديد من المشاكل على إعادة توزيع الأراضي الزراعية بسبب محاولات نبونيد من كبح كهنة الإله مردوخ. 

انسحب نبونيد إلى واحة تيماء التي فرض سيطرته بها على القوافل التجارية التي تمر منها، وفرض الكثير من الضغوطات الاقتصادية على مصر، وترك الخلافة إلى إبنه بِل- شارّو- ؤصور. 

الولاية البابلية

توجه الجيش الفارسي بزعامة كورش الثاني إلى بابل بعد هزيمة الفرس لليديين، وتمكن من دخولها دون بعد خوض مقاومة بسيطة خلال عام 539 قبل الميلاد، وعليه تحولت بابل لواحدة من ولايات الدولة الفارسية الهامة، وخلال هذه الفترة كانت اللغة الرسمية هي اللغة الآرامية، لكن استمر العلماء باستخدام اللغة الآكدية.

خلال عام 333 قبل الميلاد انتصر ألكسندر المقدوني على الفرس، وعليه تم ضم بابل لملكه، وتم تطوير الثقافة البابلية، حيث تم بناء مسرحاً بها، لكن بعد موته تصارع الحلفاء على القيادة، وخاضوا الحروب التي كان لها أثرها السلبي على المناطق المتنازع عليها. 

آثار مدينة بابل القديمة

الحدائق المعلقة

تعد حدائق بابل المعلقة من أهم عجائب الدنيا السبع الت يتم وضعها من قبل الشاعر الإغريقي أنتيباتر الصيداوي، والذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد، أي قبل استبدالها بمنارة الاسكندرية في مصر في وقت لاحق. 

تضم الحدائق المعلفة متاهة كبيرة الحجم تتكوّن من الشجيرات والزهور والأشجار والشلالات الصناعية، حيث تشير الروايات أن نبوخذ نصر الثاني عمل على بناء الحديقة لزوجته التي كانت تشعر بالحنين إلى حياتها في بلاد فارس، مما دفعه إلى أن يقرر إسكانها في بناء يتمركز على تل به تراسات، لكن حتى اليوم لا يوجد أي أدلة على وجودها، لكن من المعتقد أن الحدائق المعلقة كانت موجودة في نينوى وليس في بابل. 

الحدائق المعلقة

بوابة عشتار

كان اسم بوابة عشتار يطلق على المدخل الرئيسي لمدينة بابل، حيث تشير الروايات إلى أنه أطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى الإلهة عشتار، وهي عبارة عن بوابة بارتفاع 12 متر، تم العمل على بنائها من القرميد الأزرق اللامع، وتزيينه بوخرفة من النقوش والصور للتنانين والثيران والآسود. 

كانت بوابة عشتار تمثل طريقاً للموكب العظيم من أجل المرور في ممز مزين، حيث يصل طوله إلى نصف ميل، ويتم استخدامه في الطقوس الدينية ومن أجل الاحتفال بالعام الجديد. 

تم التنقيب عن آثار متبقية من البوابة في بداية القرن العشرين، وقام العلماء بنقله إلى بيرغامون في العاصمة الألمانية برلين كيّ يعيدوا بنائها بواسطة السيراميك أزرق اللون الأصلي. 

بوابة عشتار

برج بابل

برج بابل هو عبارة عن بناء في مدينة بابل داخل العراق، وهو من الأبراج التي تشتهر بها المدينة، وتم وروده في الكثير من روايات وكتب المؤرخين القدماء، كما ورد في التوراة، حيث ذكر على أنه بناء يعود إلى سلالة النبي نوح، اعتقاداً من بنائيه أنه سيوصلهم إلى السماء. 

قام العديد من الباحثين والرحالة بالبحث عن برج بابل، وعادةً ما كانوا يخلطون ما بينه وبين أنقاض برج الطوابق، حيث كان من المعتقد أن البرج لولبي الشكل، لكن الأقمار الصناعية الروسية وجدته مربع الشكل أثناء تصويره صدفةً. 

برج بابل
مواقع مجاورة
عرض الكل