البارود خانة هي واحدة من المعالم التاريخية الموجودة في مدينة الموصل، والكلمة مكونة من كلمتين تركيتين التي تعني مخزن البارود، وهي بناية مشيدة على شكل قلعة حصينة على السور الشمالي لمدينة الموصل على امتداد قلعة باشطابيا التي تطل على نهر دجلة، وكانت تعد جـزءاً مهماً من نظام الدفاع في مدينة الموصل القديمة أيام العثمانيين، حيث بناها العثمانيون بعد إعادة سيطرتهم على العراق بداية ثلاثينيات القرن التاسع عشر، مع انهيار حكم داود باشا آخر ولاة المماليك، وكانت مخزناً للبارود والمقذوفات أو (الدانات) المستخدمة في المدافع، وتقع البارود خانة تحديداً بالقرب من الباب العمادي، أحد أبواب مدينة الموصل.
تاريخ البارود خانة
يرجع تاريخ بناء البارود خانة إلى العهد العثماني، وذلك عام 1843، إذ تم الأمر من قبل والي الموصل محمد بن أحمد إينجه البيرقدار، وحسب توصيات السلطان محمود الثاني، فقد تم تنفيذ التجنيد الإجباري وتشييد الثكنات العسكرية المتخصصة لمختلف أصناف الجيش العثماني، مثل المدفعية، والمشاة، والخيالة، كما تم إنشاء مصنع للمدافع والقنابل أيضاً.
بناية البارود خانة
تتألف البارود خانة من 3 مبان رئيسية بمساحة تقدّر بحوالي 2374م²، وارتفاع يتجاوز 11م، حيث يتكون المبنى الأول وهو المبنى الرئيسي الذي بقيّ محافظاً على هيئته حتى بعد مرور ما يزيد على 180 عاماً، فهو عبارة عن مبنى على شكل متوازي مستطيلات يتألف من طابقين، إذ يبلغ طول البناية 22م وعرضها 17م وارتفاعها حوالي 10.5م، تسندها دعامات منشورية الشكل بأبعاد تصل إلى 5.5م عند أسفل الجدار، وبارتفاع 8م، فيما يبلغ سمك الدعامة حوالي 1.1م، أما المبنى الثاني فيصل طوله إلى 12م وعرضه 4م، وهو عبارة عن طابق واحد له عدة غرف بسيطة، ويقع شرق المبنى الرئيسي، وكان مخصصاً لسكن العاملين في البارود خانة، وهو مهترئ البناء جداً وعانى من بعض الانهيارات، أما المبنى الثالث فقد كان مخصصاً للضباط والمهام العسكرية وتمت إزالته عند بناء مطبعة ابن الأثير التابعة لجامعة الموصل.
استغلال مبنى البارود خانة
في نهاية السبعينات من القرن الماضي تم استغلال مبنى البارود خانة كجمعية تسويقية، واستمرت على هذه الحالة إلى فترة التسعينات، حيث استخدم المبنى بعد ذلك كمتحف للتراث الشعبي تابع لجامعة الموصل في الحرم الجامعي الأول الواقع في حيّ الشفاء، واستمر العمل به كمتحف حتى عام 2003، وانتقل المتحف إلى مجمع الجامعة الموجود في المجموعة الثقافية، وتم ترك مبنى البارود خانة مهجوراً دون رعاية واهتمام من الحكومة.
ترميم البارود خانة
على مدار السنوات الماضية، عانت العديد من المباني التراثية في مدينة الموصل ومنها البارود خانة إهمالاً من السلطات العراقية للمعالم الأثرية الآيلة للانهيار، لكن ومن فترة قصيرة أعلنت مفتّشية آثار محافظة نينوى عن مباشرة كوادرها مشروع صيانة وتطوير وترميم المبنى بدعم من قبل منظمة ALIPH الدولية وبالتعاون مع المكتب الاستشاري الهندسي في جامعة الموصل، حيث اقترحت المفتّشية أن يتم تحويله بعد انتهاء الترميم إلى متحف يضمّ المقتنيات والأسلحة القديمة، وذلك بعد الحصول على الموافقات الرسمية من الجهات المسؤولة عن ذلك، وهي الهيئة العامة للآثار والتراث و”المتحف العراقي في العاصمة بغداد.
تأتي أهمية ترميم مبنى البارود خانة لارتباطه بالسور الأثري لمدينة الموصل القديمة الذي لا يزال شاخصاً للعيان، وقد تمّت المباشرة بأعمال الصيانة الأوّلية، منها رفع الأنقاض، وأعمال التّسوية التُرابية، وإصلاح الشقوق الموجودة في جدران وسقف البناية، وإزالة الطبقة الجصّية المتضرّرة، وصيانة الأعمدة والأقواس داخل البناية، وترميم الدعامات الخارجية.