مدينة أوبيس في العراق

مدينة أوبيس في العراق

مدينة أوبيس أو أوبي أو أوبيخا باللغة الأكدية، هي مدينة بابلية كلدانية قديمة تقع على نهر دجلة، وتحديداً بالقرب من مدينة بغداد الحالية، ومع ذلك فإن موقعها غير محدد بالضبط كغيرها من مدن تلك الفترة، ولكن حسب النصوص البابلية والإغريقية القديمة التي تم إيجادها فإنه يُرجح أنها تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وبالقرب من نهر ديالى، وهناك قول بأنها تقع شمال مدينة بابل التاريخية في منطقة المدائن الحالية، والتي تُعرف أطلالها اليوم باسم (تل عمر) الواقعة مقابل مدينة طيسفون الفارسية القديمة المعروفة اليوم باسم طاق كسرى، ويُرجح أيضاً بأنها بُنيت في القرن 14 ق.م.

أهمية مدينة أوبيس

كانت مدينة أوبيس مركزاً لواحدة من المحافظات البابلية، إذ كان يربطها قناة مائية تربط بين نهريّ دجلة والفرات، وفيها أيضاً الجدار الميدي الذي بناه نبوخذ نصر الثاني من أجل حماية مدينة بابل من هجمات الميديين، وفي شهر أكتوبر من عام 539 ق.م دافع الملك البابلي نبو نيد عن المدينة بعد أن احتلها الفرس الأخمينيون بقيادة الملك كورش الكبير، وفوق أنقاض هذه المدينة بنى الملك الإغريقي سلوقس الأول مدينة سلوقية أصبحت عاصمة للإمبراطوريّة السلوقية في تلك الفترة، ثم تغير اسمها وأصبح قطسيفون، وذلك خلال العصر الفارسي الفرثي.

معركة أوبيس

معركة أوبيس هي معركة تاريخية ملحمية وقعت في شهر سبتمبر من عام 539 ق.م بين الفرس الأخمينيين بقيادة الملك كورش الأكبر والإمبراطورية البابلية، وقد وقعت المعركة قرب مدينة أوبيس، في النهاية انتصر الفرس بهذه المعركة، وبعد انتهائها حصد الفرس نصراً كبيراً، حيث تمكنوا بعد فترة قصيرة من إحكام سيطرتهم على بقية المناطق المحيطة بمدينة أوبيس من سيبار، ثم أقاموا حصاراً على مدينة بابل وتمكنوا في النهاية من إسقاطها بعد فترة قصيرة.

وقعت المعركة في مدينة أوبيس، ويصف المؤرخ اليوناني زينوفون بعض الأحداث التي من الممكن أنها حصلت في المعركة، منها وجود جسر في المدينة، وأن هناك احتمال أنه وأثناء المعركة قام الفرس بتخفيض نسبة مياه نهر دجلة، إذ كانت عندها بأخفض مستوياتها خلال فصل الخريف، مما سهل عليهم عبور النهر وقلب نتيجة المعركة لصالحهم، حيث كانت مدينة أوبيس تعد موقعاً إستراتيجياً مهماً، فنقصان مستوى مياه النهر مكّن جيش الفرس من تجنب عقبة الجدار الميدي الموجود حول المدينة والذي بناه نبوخذ نصر الثاني.

أسباب معركة أوبيس

كانت الإمبراطورية الفارسية قبل معركة أوبيس قد بسطت سيطرتها على كامل منطقة غرب آسيا، حيث تمكنت خلال عدة سنوات فقط من إسقاط إمبراطوريتي ميديا وليديا أثناء حكم الملك كورش الكبير، وتمكنت من السيطرة على منطقة شاسعة من الأراضي والدول، حيث سيطرت على كل من إيران وتركيا وأذربيجان وتركمانستان، وأفغانستان، وكانت القوة الوحيدة في غرب فارس هي الإمبراطورية البابلية التي كانت تحكم بلاد ما بين النهرين ودول الهلال الخصيب ودول شمال شبه الجزيرة العربية والسواحل الغربية المطلة على الخليج العربي، هذا ما أدى إلى الرغبة في زيادة النفوذ الفارسي في المنطقة، والذي قابله في الوقت نفسه ضعف في السلطة في بابل، فالملك البابلي آنذاك (نبونيد) فضل زيادة سلطة بابل عن طريق احتلال أراضي شمال شبه الجزيرة العربية والاستقرار في مدينة تيماء الواقعة حالياً في السعودية، بينما ترك ابنه بلشاصر من أجل قيادة السلطة في بابل، وكان بلشاصر عديم الخبرة في الحكم واتخاذ القرارات السياسية والعسكرية، وحسب ما ذكر في بعض المراجع أنه كان يفضل اللهو وإقامة الحفلات والاستمتاع بدل الحكم.

هناك بعض المصادر التاريخية التي ذكرت أن قائد الجيش البابلي كان من أصل ميدي فارسي يدعى جوبارو، والذي خان الإمبراطورية البابلية وقرر الوقوف مع الفرس ضد بابل، وبعد أن سمع الملك نبونيد بخيانة قائد الجيش قرر العودة إلى بابل على الفور، لكن يبدو أن عودته كانت متأخرة جداً، حيث كان الفرس عندها يتمركزون قرب مدينة أوبيس يحاولون اجتيازها للوصول إلى بابل.

نتائج معركة أوبيس

ذكرت سجلات الملك نبونيد أن الجيش الفارسي بدأ يتمركز قرب مدينة أوبيس في بداية شهر تشريتو البابلي، الذي يمتد بين (27 سبتمبر-27 أكتوبر)، لكن المعلومات التاريخية التي وصلت عن أحداث المعركة كانت قليلة جداً، إذ لم يكن عدد القوات والخسائر معلوم بشكل دقيق، لكن تم تأكيد أن بلشاصر قاد الجيش ضد الفرس ولأنه عديم الخبرة تمكنوا من قتله، وبعد عبور الفرس نهر دجلة تمكنوا بعد عدة أيام من السيطرة على مدينة بابل بشكل كامل، وذلك بعد مجزرة قامت بها القوات الفارسية ضد الجيش البابلي والتي سمتها المخطوطات البابلية التي وصلت إلينا (مجزرة شعب أكد)، لكن يشير بعض المؤرخين إلى أن المجزرة لم تكن ضد الشعب البابلي بل ضد الجيش فقط، حيث دخلت قوات كورش الأخميني إلى بابل بسلام، وهذا ما ذكر في أسطوانة كورش، أما مصير نبونيد فقد ظل مجهولاً ولم يُعرف ما حل به، لكن بعض المصادر التاريخية ذكرت أنه قتل في نهاية المعركة، وبعضها ذكرت بأنه هرب من بابل وعاد إلى مدينة تيماء، أما المؤرخ الكلداني البابلي بيروسوس فقد أشار إلى أن نبونيد تم اعتقاله، وتم نفيه إلى كرمان، وبعد انتهاء هذه المعركة تمكن الفرس من السيطرة على جميع المناطق التي كان يحتلها البابليون في بلاد ما بين النهرين والهلال الخصيب، وأصبحوا يطمعون هذه المرة بمصر.

مواقع مجاورة
عرض الكل