مملكة إشنونة هي إحدى ممالك الدولة السومرية التي تأسست نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت بمثابة عاصمة دولة واروم، وبعد انتهاء حكم أسرة أور الثالثة بداية الألفية الثانية قبل الميلاد تحولت مملكة إشنونة لقوة عظمى لا يستهان بها لعقود من الزمان، قبل أن يقوم الملك البابلي حمورابي بضمها لدولته مُنهياً سطوة مملكة إشنونة منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد.
موقع مملكة إشنونة
تقع مملكة إشنونة على بعد 35كم من العاصمة العراقية بغداد، في مدينة بعقوبة الواقعة في محافظة ديالي شمال شرق العراق، وتميزت إشنونة بموقعها الفريد القريب من نهر دجلة، والذي يُحاوطه جبال زاغروس الشرقية.
التنقيب عن مملكة إشنونة
بدأ التنقيب عن بقايا مملكة إشنونة في بدايات القرن العشرين بتكليف من معهد الاستشراق الأمريكي التابع لجامعة شيكاغو في أربعة مناطق، هي: تل أسمر، وتل خفاجي، وتل أجرب، وتل إتشالي، وتم العثور على العديد من الآثار التي تعود لمملكة إشنونة في مناطق أخرى مثل تماثيل أمراء إشنونة في مدينة سوسة الإيرانية، وذلك لقيام الملك ناخوانده الأول ملك عيلام شوتروك بنهب هذه المقتنيات ونقلها لمدينته.
تأسيس مملكة إشنونة
كما ذكرنا سابقاً أن تأسيس مملكة إشنونة يرجع للألفية الثالثة قبل الميلاد خلال فترة قيام الإمبراطورية الأكدية، وتحديداً خلال فترة حكم الملك الكلداني نبوخذ نصر، وخلال فترتيّ حكم سلالة أور الثالثة وسلالة إيسن تمتعت المدينة بأهمية كبيرة نظراً لموقعها المميز ومواردها، وبعد انتهاء حكم سلالة أور الثالثة بزغ نجم مملكة إشنونة كقوة كبيرة، لتدخل المملكة في العديد من الصراعات لعل أبرزها الصراع مع عيلام بقيادة الملك الاشوري شمشي أدد الأول، والذي نجح في احتلال المملكة والسيطرة عليها لفترة من الزمان قبل أن يقوم الملك البابلي حمورابي باستعادتها مرة أخرى، وبمرور الوقت كرر العيلاميون التجربة مرة أخرى بقيادة الملك ناخونته الأول للسيطرة على المدينة ونهب العديد من الثروات، لعل أهمها التمثال الخاص بالملك حمورابي.
الأهمية الاقتصادية لمملكة إشنونة
تمتعت مملكة إشنونة بموقع استراتيجي مميز على الطريق التجاري بين بلاد عيلام الواقعة جنوب غرب إيران وبلاد ما بين النهرين، مما سهل لها الدخول في عمليات تجارية لجلب الخيول من الشمال، كما تمتعت المملكة أيضاً بثروات طبيعية تمثلت في اكتشاف العديد من المعادن مثل النحاس والقصدير والكوبلت، كما نجح أيضاً سكان مملكة إشنونة في استخراج لحاء أشجار المطاط.
قانون مملكة إشنونة
ربما تكون مسلة حمورابي التي عثر عليها عالم الآثار والمؤرخ العراقي السيد طه باقر عام 1945 في تل حرمل، هي أحد أعظم الاكتشافات التي ترجع لعصر مملكة إشنونة، حيث تضمنت هذه المسلة قانون حمورابي الذي تم تصنيفه كأحد أقدم التشريعات والقوانين نظراً لوضعه في فترة بداية الألفية الثانية قبل الميلاد. وتضمن قانون حمورابي مقدمة تحكي أعمال الملك حمورابي المختلفة وتؤكد على شرعية حكمه للبلاد، وبعدها تأتي مواد القانون التي تتضمن حلول القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة خلال هذه الحقبة الزمنية، ومواد متعلقة بالقضاء والأمن والزواج وشؤون الملكية والمواريث والتعويضات والقصاص، ومواد الإضرار بمصالح الدولة والاعتداء على النفس، وهي المواد التي رآها مفسري كتابات المسلة قاسية بعض الشيء، حيث قسم الملك حمورابي المجتمع لطبقة عليا ومتوسطة وعبيد، وكانت العقوبة في حالة إلحاق الأذى من طبقة أعلى لطبقة أدنى مخففة، في حين كانت مغلظة في حالة إلحاق الأذى من طبقة أدنى لطبقة أعلى، وفي النهاية تضمنت مسلة قانون إشنونة أو قانون حمورابي بعض الكتابات التي يطلب فيها حمورابي من الإله عقاب كل من يرفض العمل بقانونه أو يحاول محو اسمه من عليه.