تقع قرية الخميسية في قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار، ومن أشهر من قطن بها العقيلات، وهم تجار من نجد كانوا يسيرون بقوافلهم التجارية من مناطقهم إلى جميع مناطق المشرق العربي.
سُكان قرية الخميسية
قطن في قرية الخميسية تجار العقيلات، أصلهم من نجد، وكانوا يسيرون بقوافلهم التجارية من مناطقهم إلى كافة مناطق المشرق العربي، حيث كانوا في ذلك الوقت يقايضون خيولهم وجمالهم بالحبوب والملابس والأقمشة، وكان تجار العقيلات يشكلون قوة إقتصادية كبيرة في البلدان التي يستقرون أو يحلون بها، وكانت قوافلهم التجارية تُزود وسط جزيرة العرب بالكثير من احتياجاتها الأساسية.
يُذكر أن أول من قام بتأسيس إمارة الخميسية في منطقة الأهوار هو “عبدالله بن صالح بن محمد الخميس”، والذي تم تسمية المنطقة بالخميسية نسبةً له، وكان رجل من نجد قد قدم من منطقته من بريدة إلى قرية شيرون في منطقة إمارة المنتفق، وكان يزاول التجارة مع العقيلات، ويعملون على حماية الشيخ فالح السعدون شيخ قبائل المنتفق، وكان قد رحب بهم وأكرمهم، كما كان للشيخ فالح السعدون هيبة وكلمة نافذة في إمارة المنتفق، ولكن بعد فترة ساءت أموره وعلاقته بالعثمانيين، مما دفع الشيخ عبدالله الخميس في عام 1881م إلى أن ينضم لجماعة العقيلات وينشأ مدينة خاصة بهم على حافة البادية النجدية على حدود العراق.
خريطة قرية الخميسية
قصر الخميس في قرية الخميسية
يتوسط قصر الخميس مدينة الخميسية، ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 1303هـ/1881م، ويتميز هذا القصر بباب خشبي ضخم، يليه دهليز طويل، ليصل إلى ساحة واسعة محاطة بليوان من ثلاث جهات، وتوجد في الجهة الغربية حجرة كبيرة كانت تستخدم مجلس للشيخ، حيث كان يستقبل فيها المواطنين لحل مشاكلهم اليومية، ومن جهة الجنوب توجد غرفة للطعام، أما على يسار الساحة فيوجد حجرة مظلمة يطلق عليها إسم حجرة “التيسية”، وهي عبارة عن سجن للإمارة، وتم تسميتها بهذا الإسم نسبةً إلى مشاغب تم حبسه فيها وهو من نسب فخذ التيوس، وكان فقط ذكر إسم الحجرة كافياً لردع من يريد أن يخل بالأمن في ذلك الوقت، كما يوجد غرفة مزينة بزخارف كانت تستخدم كمجلس إفرنجي لإستقبال الضيوف، وتسمى “المربعة”، ومن خلفها توجد حجرات كثيرة للنوم وإقامة الضيوف.
في شمال غرفة المربعة من الجهة الشرقية، توجد سلالم موصلة للطابق الثاني من القصر، وكان نصف الطابق الثاني عبارة عن مجلس كبير، وفيه جزء يطلق عليه إسم “المختصر” وشرفة خشبية مزخرفة بنقوش، يعلوها برج حديدي عليه مروحة تعمل بحركة الرياح، لتشغيل بطارية شحن صغيرة يعمل عليها مذياع كبير، وكان المذياع هو الوحيد الموجود في المنطقة في ذلك الزمان، وقد حصل عليها أحد تجار العقيلات بمقايضته الخيل مع أحد تجار الهند، وكان من خلاله يسمع الشيخ الخميس أخبار العالم، كما كان خارج القصر يوجد بيت كبير للخدم واسطبل للخيول.
مسجد الخميسية
يتميز مسجد الخميسية بمئذنته العالية، وهي من أحد المعالم المعروفة في ذلك الوقت في جنوب العراق، وكان المسجد عبارة عن صرح معماري ضخم ومتقن البناء، قام بتأسيسه أمراء قبيلة آل خميس في عام 1881م في القرن التاسع عشر ميلادي، ثم تم بناء المسجد على يد الشيخ فالح السعدون شيخ قبائل المنتفق في عام 1305هـ/1883م. ويعد الشيخ ناصر الزويد أول مؤذن للجامع، والشيخ سليمان المسفر آخر مؤذن له، والذي كان يصعد للمنارة عبر سلم حلزوني صعب خمس مرات يومياً بالرغم من كونه كفيفاً.
يذكر أنه قد تم إنشاء مدرسة دينية لتدريس مبادئ العلوم الدينية، على مذهب الشيخ أحمد بن حنبل، وقد حضر للمدرسة الشيخ “علي العرفج” من منطقة القصيم للتدريس والإفتاء فيها، حتى توفاه الله في عام 1328هـ/1910م، فحل محله الشيخ إبراهيم الجاسر قاضي بريدة في ذلك الوقت قادماً من القصيم، واستمر بوظيفته حتى توفاه الله، ثم تولى مهام التدريس والإفتاء الشيخ بن سويلم قادماً من القصيم أيضاَ.
وصف مدينة الخميسية قديماً
كان يحيط سور كبير بمدينة الخميسية، وكانت له بوابة كبيرة تفتح أثناء النهار، وتغلق في الليل، وكان يوجد السوق “الصفاة” وسط المدينة، وفي الجهة الجنوبية منه كان يوجد مكان يسمى “السيف”، كانت تجمع فيه الحبوب القادمة من الأهوار بغرض بيعها، وكانت البساتين تحيط المدينة من الجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، وكانت تسقى من ماء نهر الفرات، كذلك يوجد غابة من الأثل تسمى أثل الرميان، كما يوجد “الدوغ” في شمال المدينة؛ وهو المكان المُستخدم لإنتاج طابوق البناء، وعدداً من الممالح لإنتاج الملح.
مدرسة الخميسية
تم إنشاء أول مدرسة إبتدائية في الخميسية في سنة 1345هـ /1927م، وكانت المدرسة بيت مستأجر تعود ملكيته للشيخ “عبدالله تركي الخميس”، وتقع في شرق المدينة، وفي عام 1362هـ/1957م تم بناء مدرسة جديدة في غرب الخميسية، كما تم بناء أول مستوصف صحي في عام 1362هـ1944م.
تراجعت أهمية مدينة الخميسية في نهاية الأربعينات من القرن الماضي، وخاصة بعد عودة العقيلات إلى ديارهم بعد توحيد المملكة العربية السعودية وظهور النفط، وبعد أن قل دورها في كونها محطة للقوافل التجارية القادمة من بادية العراق والجزيرة العربية، نظراً للتوسع في إنشاء واستخدام الموانئ في الخليج لاستيراد وتصدير المنتجات.
ما زالت الخميسية موجودة حتى وقتنا الحاضر، وتحمل نفس الإسم، إلا أنها قد تحولت إلى قرية عراقية بعد أن رحل عنها كل النجديين من أهلها.
أسئلة شائعة
تقع الخميسية في قضاء سوق الشيوخ في حدود محافظة ذي قار.
سُميت قرية الخميسية بهذا الاسم نسبةً لمؤسسها، وهو رجل من نجد إسمه “عبدالله بن صالح بن محمد الخميس”.