مدينة أوما هي إحدى مدن العصر السومري والتي أجمع غالبية الباحثين على الأهمية الكبيرة لهذه المدينة في تاريخ الحضارة السومرية نظراً للكثير من الأسباب؛ لعل أبرزها هو كونها المدينة التي قامت بتوحيد جميع دويلات العصر السومري تحت لوائها بقيادة الملك لوكال زاكيري لتقوم أول إمبراطورية في تاريخ بلاد الرافدين، وهو الأمر الذي ترتب عليه تحول مدينة أوما لأغنى مدينة في الإمبراطورية نتيجة قيام الملك لوكال زاكيري بنقل ثروات وكنوز جميع مدن الإمبراطورية لعاصمته.
موقع مدينة أوما
تقع مدينة أوما في منطقة تعرف في الوقت الراهن باسم تل جوخة في محافظة ذي قار الغنية بالمواقع الأثرية التي ترجع للعصر السومري والتي تبعد حوالي 300 كم من العاصمة العراقية بغداد.
اكتشاف مدينة أوما
تم اكتشاف مدينة أوما على يد عالمي الآثار ويليام لوفتوس وجون بونيت بيترس نهاية القرن التاسع عشر عبر القيام ببعض عمليات التنقيب في منطقة تل جوخة، والتي ترتب عليها العثور على بعض الآثار الخاصة بسلالة أوما التي ترجع لعصر سلالة أور الثالثة، وفي بدايات القرن العشرين قامت بعض الجامعات والمعاهد اليابانية المتخصصة في التنقيب عن الآثار بمسح المنطقة بالأقمار الصناعية لتعثر على العديد من الاكتشافات المذهلة بموقع مدينة أوما.
مدينة أوما عبر التاريخ
نظراً للأهمية السياسية التي تمتعت بها مدينة أوما، فقد كان من الطبيعي أن تدخل في العديد من الصراعات أبرزها الصراع الذي نشب بينها وبين مدينة لكش المجاورة نتيجة قيام ملك أوما باحتلال منطقة جو ادينا المقدسة، ليقرر ملك لكش الانتقام وإعلان الحرب على مدينة أوما وهزيمتها، وبعد مرور ما يزيد عن قرن من الزمان ضعفت مدينة لكش لتصبح الفرصة سانحة لمدينة أوما للانتقام، إلا أن ملكها أوروكاجينا الذي يعتبر أول مصلح اجتماعي في التاريخ قرر عدم الحرب والقيام بحل المشاكل التاريخية بين المدينتين عبر التفاهم السلمي والقيام بعمل الكثير من الإصلاحات في مدينة لكش التي صبت في مصلحة فقراء المدينة، ورغم نجاح الملك أوروكاجينا في عمل أول معاهد سلام في التاريخ، إلا أنّ الوضع لم يدم طويلاً نظراً لعدم مكوثه على عرش مدينة أوما أكثر من عشر سنوات ليتولى بعده الحكم لوغال زاغيزي الذي قرر استغلال ضعف مدينة لكش لنهب ثرواتها وإبادة سكانها وتدميرها بالكامل.
آثار مدينة أوما
نظراً للجهود الكبيرة التي قامت بها البعثات الأثرية اليابانية في موقع تل جوخة، فقد تم العثور على مدينة متكاملة تتضمن قصراً ملكياً ومعبد والعديد من الحارات السكنية والقبور، ومن أهم ما تم العثور عليه في هذه المدينة الأثرية ما يلي:
- معبد ضخم أطلق عليه اسم المعبد الأبيض نظراً لدهان جدران بالجبس الأبيض ويحتوي على 3 بوابات ضخمة و16 عموداً بقطر 160 سم.
- معبد تم تسميته بمعبد H نسبةً لمكتشفه Haedar، ويبلغ ارتفاعه 8 أمتار وعرضه 11 متراً، وهو مزود بسقف مصنوع من خشب الأرز.
- مجموعة من الأبنية التي كانت تستخدم لخدمة القصر الملكي ومعبد المدينة.
- بئر بعمق كبير يحتوي على فتحة في الجزء العلوي لسقي المزروعات.
- سواقي مصنوعة من الطابوق ومغطاة بالقير تقوم بنقل المياه.
- مجموعة من الأنابيب المصنوعة من الفخار والتي كانت تستخدم لتصريف المياه بقطر 10 سم و20 سم و50 سم والموضوعة بشكل عمودي على حفرة يزيد عمقها عن 12 متراً.
- مجموعة من الأدوات التي كانت تستخدم لحفظ مساحيق التجميل الخاصة بالنساء.
- مجموعة من الأواني الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ وتناول الطعام.
- أطنان قديمة محفوظة من الحنطة والشعير.