تحظى أرض العراق باهتمام كبير على مستوى العالم، كيف لا وقد عرفت بغناها الحضاري والتاريخي الذي لا تنافسها فيه أية أرض أخرى مهما كانت، والشاهد على ذلك أراضيها التي كانت موقعاً للعديد من الصراعات والنزاعات، والتي خلفت وراءها مجموعة مهولة من المعالم والمواقع الأثرية البالغ عددها أكثر من 12 ألف موقع؛ حيث تم ترشيح معظمها لتدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة (يونسكو)، وعلى ذلك فإن من أشهر هذه المواقع ما يأتي:
مدينة نمرود
هي درة الحضارة الآشورية وواحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، وواحدة من المواقع الأثرية التي تم ترشيحها لتدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة (يونسكو)، وتقع عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كم جنوباً من مدينة الموصل، وهي ذات تصميم مربع يحيط به سور منيع مبني من اللبن طوله 8 كم، ويدعمه عدد من الأبراج الدفاعية.
يعود تاريخ تأسيس هذه المدينة إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد حين كانت عاصمة عسكرية للدولة الآشورية، وقد بدأ ذكرها لدى علماء الآثار في العام 1820، وتبع ذلك نشاطات عديدة لاكتشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة، ما أسفر عن اكتشاف عدد من المعالم الأثرية مثل تماثيل الثيران المجنحة ذات الوجوه البشرية والتي يطلق عليها اسم “لاماسو”، وهي موجودة عند مداخل قصر “آشور ناصربال الثاني” ملك الإمبراطورية الآشورية في القرن التاسع قبل الميلاد، وكنز نمرود الشهير الذي بدأ التنقيب عنه عام 1988 حتى تم العثور عليه بعد 4 سنوات، وهو عبارة عن 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب، وقد أشار أحد خبراء الآثار العراقيين إلى أن هذا الكنز مكون من حوالي 45 غراماً من المصوغات الذهبية النادرة التي تعود إلى مملكتين آشوريتين، وعدد من القطع الأثرية النادرة، والجدير بالذكر هنا أن بعض هذه الآثار قد نقلت إلى عدد من المتاحف مثل: متحف الموصل، ومتحف بغداد، كما نقل بعضها الآخر إلى متاحف كبرى في لندن وباريس وغيرها.
زقورة أور
تقع زقورة أور الأثرية على بعد حوالي 17 كم إلى الغرب من مدينة الناصرية، وتعد بمثابة الهوية التاريخية والحضارية لبلاد وادي الرافدين؛ حيث تم إدراجها على لائحة التراث العالمي في تموز 2016، وقد جسدت أقدم فكرة للبناء المدرج في العالم حيث بناها الملك “أور نمو” عام 2100 قبل الميلاد، وهي مؤلفة من 3 طبقات و 3 سلالم كل منها مؤلف من 100 درجة، وذلك لكون الرقم 3 واحداً من الأرقام المقدسة في العراق القديم.
بنيت زقورة أور على قاعدة مربعة الشكل طول ضلعها 42 متر، وترتفع فوقها طبقات متعاقبة مبنية من اللبن ومتساوية في الارتفاع، وهي مكسوة من الخارج بطبقة سميكة من الآجر الأحمر المفخور، ويلاحظ الناظر إليها أن البناء يميل إلى الداخل مع الارتفاع إلى أعلى ما يجعله يبدو أعلى من ارتفاعه الحقيقي، والجدير بالذكر هنا أن ارتفاع الزقورة كان 26 متراً ونصف عند بنائها لأول مرة، ولكن نتيجة لعدة عوامل فقد أصبح ارتفاعها الحالي 16 متراً ونصف المتر.
لا يتوقف الإبداع الهندسي الذي تجسده زقورة أور عند هذا الحد فحسب؛ حيث توجد على جوانبها أيضاً فتحات تسمى “العيون الدامعة”، ويمكن رؤيتها عند النظر باتجاه الأعلى، وهي ممتدة لهيكل الزقورة الداخلي، وتستخدم بشكل أساسي لاستخراج مياه الأمطار وتصريفها عبر الأنابيب، وقد سميت بالعيون الدامعة وذلك لكون الماء يخرج منها كما تخرج الدموع من العيون.
مدينة بابل
كانت هذه المدينة فيما مضى موطناً للحضارة البابلية، وهي اليوم واحدة من أهم مناطق السياحة التاريخية في العراق؛ حيث كشفت عمليات التنقيب التي أجريت فيها عن وجود مجموعة من الآثار ومنها ما يأتي:
- برج بابل: هو واحد من أشهر معالم هذه المدينة الأثرية، ويتألف من سبع طبقات دائرية لولبية تتعاقب وصولاً إلى القمة التي يوجد فيها المعبد العالي، وقد كان فيما مضى مكاناً تجتمع فيه المباني السكنية، والمعابد، والقصور وبما يتناسب مع كافة طبقات المجتمع في ذلك الوقت.
- بوابة عشتار: تمتاز هذه البوابة بتصميمها الفريد من نوعه، حيث نقشت على جدرانها أشكال مختلفة للحيوانات الأسطورية وذلك باستخدام السيراميك، والخزف الملون، ومن أبرز هذه الحيوانات: التنين، والأسود، والعجول، والحيوان الخرافي المدعو مردوخ والذي يعرف بامتلاكه جسم كلب، وأقداماً أمامية كأقدام الأسد، وأقداماً خلفية كأقدام الطير، وذيلاً طويلاً ينتهي برأس أفعى.
- أسد بابل: هو عبارة عن تمثال صخري يبلغ طوله 260 سم ويصل ارتفاعه إلى 1195 سم، وقد بني باستخدام حجر البازلت الأسود وثبت فيما بعد على قاعدة صخرية متينة مبنية من الحجر ذاته، ويعد رمزاً لآلهة عشتار.
- مسلة حمورابي: هي عبارة عن لوح مصنوع من حجر الديوريت الأسود، يبلغ وزنه 4 أطنان ويصل ارتفاعه إلى 8 أقدام، وقد دونت عليه شرائع الملك حمورابي التي اشتملت على 300 مادة تغطي الكثير من جوانب الحياة مثل: البيع، والشراء، والقضاء، والزواج، والسرقة وغيرها من الأمور.
- الحدائق المعلقة: هي واحدة من عجائب الدنيا السبع، وسميت بهذا الاسم وذلك لكونها تنمو وتتدلى من شرفات القصور، وقد بنيت على عقود الحجر النفيس، وزرعت النباتات فيها على طبقات مختلفة تناسب النباتات والأشجار، أما سقايتها فكانت تتم بطريقة إبداعية وذلك من خلال خزانات المياه الموجودة في الطبقات العليا، والتي تتصل مع بعضها البعض بدرج واسع.
مدينة آشور
كانت هذه المدينة التاريخية العاصمة الأولى للحضارة الآشورية، وقد كان لها آنذاك أهمية خاصة وذلك لما عرفت به من نشاط على المستوى الحضاري، والديني، والتجاري، وهي اليوم واحدة من أهم المراكز الحضرية في الجزء الشمالي من العراق، وقد كشفت عمليات التنقيب التي أجريت فيها عن وجود مجموعة من الآثار ونذكر منها ما يأتي:
- الزقورات: توجد في هذه المدينة زقورة كبيرة كانت مخصصة للعبادة، وهي موجودة بحجمها الكامل إلا أن الجزء السفلي منها قد تعرض للضرر، وإلى الجهة الغربية منها توجد بقايا زقورتين أخريين ولكنهما أصغر حجماً.
- المعابد: تضم هذه المدينة 35 معبداً من أهمها معبد شمش، ومعبد آشور، ومعبد مردوخ، ومعبد نبو، ومعبد عشتار.
- الأسوار: يحيط بهذه المدينة من الداخل والخارج سوران طويلان ساهما في حمايتها من العديد من الهجمات؛ حيث يمتد السور الخارجي إلى الجهة الجنوبية من المدينة ويضم عدداً من أبراج المراقبة، أما السور الداخلي فيمتد بمحاذاة السور الخارجي ويبعد عنه مسافة 20 متر، ويستمر حتى الجهة الغربية والجهة الجنوبية الغربية، لينحني في نهاية المطاف نحو البوابتين الغربيتين.
مدينة نفر
تقع هذه المدينة في جنوب شرق العراق، وقد لعبت دوراً رئيسياً في الحياة الدينية القديمة في بلاد ما بين النهرين، ونتيجة لمجموعة من عمليات البحث والتنقيب فقد عثر على مجموعة من الآثار والمعالم التاريخية فيها، ونذكر منها ما يأتي:
- الهياكل القديمة: هي عبارة عن تجمع لعدد من التلال المدمرة التي تمتد من الشمال إلى الجنوب عبر قناة مائية، ويبلغ طولها حوالي 1.5 كم بينما يبلغ عرضها حوالي 700 متر.
- جدار المدينة الضخم: هو عبارة عن جدار ضخم محمي بخندق وفيه 6 بوابات.
- قناة المدينة: هي عبارة عن مجرى مائي كبير يقع في وسط المدينة، ويزيد عرضه في بعض المناطق عن 50 متراً.
تضم مدينة نفر أيضاً كل من القلعة البارثية الكبيرة، والمعبد الشمالي، بالإضافة إلى القبور الأكادية.