تعرف محافظة واسط بأنها محافظة تقع وسط العراق وتحتل المرتبة الثامنة من حيث المساحة؛ حيث تغطي مساحة تعادل 17.153 كيلومتر مربع، وعاصمتها الحالية هي مدينة الكوت التي تمتاز بكونها تأتي على شكل شبه جزيرة تحيط بها المياه من الجنوب والشرق والغرب، وتبعد مسافة 180 كيلومتراً شمالاً عن العاصمة بغداد التي تربطها بجنوب العراق، وتوجد في هذه المحافظة مجموعة من المعالم الأثرية التي جعلتها واحدة من أهم الوجهات السياحية بالنسبة للكثير من الأشخاص من داخل وخارج العراق.
أهم المعالم الأثرية في واسط
تضم محافظة واسط مجموعة كبيرة من المواقع الأثرية التي يقدر عددها بحوالي 420 موقعاً أثرياً، وتعود لحضارات متعددة وفترات زمنية مختلفة؛ حيث يعود بعضها لزمن الدولة العباسية، والدولة الأموية، والدولة العثمانية، ويعود بعضها الآخر إلى العصور السومرية والأكدية وغيرها، وهذا ما دفع الحكومة العراقية للسعي حتى تدرج محافظة واسط ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، وعلى ذلك نشير فيما يأتي إلى بعض من أهم هذه المواقع وهي:
1- مدينة واسط القديمة
هي أول مدينة أسست بعد نهاية حكم الخلفاء الراشدين وسيطرة الأمويين على المدينة؛ حيث شيدها الحجاج بن يوسف الثقفي عام 83 هجري، وتوجد في الوقت الحالي على بعد 65 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من مدينة الكوت مركز محافظة واسط، وعلى بعد 20 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة الحي الواقعة ضمن أراضي المنارة، وقد تم اختيار هذا الموقع الاستراتيجي لكونه يتوسط المسافة ما بين الكوفة والبصرة.
أشار القلقشندي في كتابه “صبح الأعشى” إلى أنّ تسمية هذه المدينة باسم “واسط” قد جاءت من كونها تتوسط الكوفة والبصرة؛ حيث تبعد عن كليهما مسافة تقدر بحوالي 270 كيلومتراً، وقد وصفها بأنها بعيدة عنهما بمقدار ما يأمن الحاكم على نفسه، وقريبة منهما بمقدار ما يخشى الثوار فيهما سطوته، ومن ناحية أخرى فقد أنفق الحجاج قرابة ثلاثة وأربعين ألف ألف درهم في بناء كل من: القصر، والجامع، والخندقين، والسور، كما بنى له قصراً خاصاً بقبة خضراء، وبنى المسجد الجامع والسوق العامر الذي كان يجتمع فيه التجار لعرض ما لديهم من بضائع، كما صك عملة ذهبية وعملة فضية خاصة لهذه المدينة.
خريطة مدينة واسط
عمليات التنقيب والقطع الأثرية الموجودة في المدينة
كشفت عمليات التنقيب التي أجريت في هذه المدينة عن وجود مجموعة من المعالم الأثرية والتي تتمثل في كل من: الفخار، والعمارة، والدمى، والعديد من بقايا الصناعات المتنوعة التي تشير إلى مدى التطور الفكري والاقتصادي الذي ساد المدينة في ذلك الوقت، فضلاً عن مجموعة كبيرة من الأواني الفخارية الزجاجية وغير الزجاجية ذات الأشكال والزخارف المتنوعة، ومجموعة من الفخاريات المختومة التي تعود للعصرين الأموي والعباسي، وبعض الدمى التي تعود إلى العصر العباسي والتي تتخذ هيئة راقصات، أو عازفين، أو فرسان. إضافة لما سبق، فقد كشفت حملات التنقيب التي أجريت في المدينة عام 1936 عن وجود مسجد كبير، ومسجد آخر صغير الحجم، بالإضافة إلى ضريح، ومقبرة، وحصن والعديد من الآثار الأخرى.
2- تل البقرات
يقع هذا التل في قضاء الأحرار على بعد 30 كيلومتراً جنوب غرب مدينة الكوت، وهو عبارة عن ثلاثة تلال ذات شكل هلالي يصل ارتفاعها إلى 7 أمتار وتغطي مساحة واسعة من الأرض، وقد كشفت مجموعة من فرق التنقيب الإيطالية عن التي باشرت البحث منذ عام 2009 عن وجود مجموعة من الآثار في المنطقة ومنها: معبد، وزقورة، وبعض الوحدات السكنية، بالإضافة إلى أختام أسطوانية، وأقداح، وأواني، ورقم طينية، وجرار فخارية، وتعود جميعها إلى العصر البابلي الحديث.
3- التل النجمي
يقع هذا التل على نهر النيل المتفرع من نهر الفرات، ويعود تاريخه إلى القرن السادس أو السابع الهجري وتحديداً إلى عهد السلاجقة، وقد بني من الداخل بطريقة هندسية تتجلى في عدة طبقات من الأقواس المتقاطعة، وفي باحته الداخلية بئر ماء وقبران يحتويان على علامات أثرية مكتوبة بالخط الكوفي؛ حيث كتب على أحدهما: “هذا قبر والدة العالم الرباني محمد البلقي”، وكتب على الآخر: “هذا قبر الشيخ محمد ابن كرم البلقي”، وقد أعلنت جريدة الوقائع العراقية عام 1935 أن هذا التل يعد واحداً من أهم المواقع الأثرية والتاريخية الموجودة في المحافظة.
4- تل العقر
يقع هذا التل في قضاء بدرة ويبعد عن مركز مدينة واسط مسافة تقدر بحوالي 70 كيلومتراً، وهو عبارة عن تل واسع يبلغ طوله حوالي كيلو ونصف ويصل ارتفاعه إلى أكثر من 20 قدماً، ويحيط به من الجهات الأربعة سور ضخم له عدة بوابات ولا تزال معالمه واضحة حتى يومنا هذا، أما عن الأهمية التاريخية لهذا التل فتكمن في وجود بقايا مدينة الدير السومرية دير إيلو، والتي استمر وجودها خلال الفترة الممتدة ما بين العامين (2000-2400) قبل الميلاد، فضلاً عن وجود العديد من الآثار التاريخية في المكان.