المنارة المظفرية أو المئذنة المظفرية في أربيل هي أحد أهم وأكبر المنارات في العراق وتُعرف أيضاً بمنارة جولي، ومعناها باللغة الكُردية منارة البرية، وقد اختلف المؤرخون على تاريخ بناء المنارة، ولكنهم اتفقوا على أن من شيّدها هو الملك مظفر الدين كوكبوري صهر صلاح الدين الأيوبي خلال فترة حكمه لأربيل، والمنارة المظفرية رمز من رموز مدينة أربيل، ومن أهم الآثار التاريخية فيها، وتُصنّف بأنها ثاني أقدم معلم تاريخي في أربيل بعد قلعة أربيل القريبة منها، والجدير بالذكر أن شهرة مدينة أربيل مستمدة من وجود المنارة فيها، حيث يُطلق عليها مدينة القلعة والمنارة.
موقع المنارة المظفرية
تقع المنارة المظفرية في وسط مدينة أربيل، وتحديداً جنوب غرب قلعة أربيل على بعد نحو كيلومتراً واحداً، وبُنيت القلعة على أرض منبسطة واسعة، فقد قيل أنه لم يكن هناك أبنية في أطراف المنارة، وإنما عدداً من البساتين الواسعة، وبجانب المنارة قديماً كان المسجد العتيق، الذي بُني قبلها بنحو 200 عاماً في ربض القلعة.
خريطة المنارة المظفرية
تاريخ منارة المظفرية
تعد المنارة المظفرية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ حضارة بلاد الرافدين، وهي موروث أثري عريق، ووفقاً للمؤرخين والباحثين فإن الهدف من بناء منارة المظفرية هو حراسة المدينة والمراقبة في حال التعرض لهجوم خارجي من الأعداء، ومراقبة هلال شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، ولا تقتصر أهمية المنارة على الجانب التاريخي فقط، وإنما تتعداه للجانب الثقافي والجانب السياحي، حيث يتجلى الجانب الثقافي في أن المنارة تعكس الثقافة العميقة بين مكونات مدينة أربيل، ولها دوراً كبيراً في التعايش السلمي الناشئ عن التبادل الثقافي الحاصل من تعاقب الأديان في المدينة على مر العصور.
أما الجانب السياحي فيظهر في ترميم المنارة و إيلائها اهتماماً كبيراً، ففي عام 2006م تم تحويل نحو 80 متراً مربعاً منها إلى متنزه بعد أن كانت المنطقة مكباً للقمامة، الأمر الذي أعاد للمنارة قيمتها التاريخية وجعلها مكاناً جاذباً للسياح، وأصبحت منطقة المنارة تُعرف باسم بارك منارة المظفرية، وامتلأت بالمقاهي والمطاعم، وأصبحت تشهد العديد من الاحتفالات بالمناسبات الوطنية، وبُني فيها مسرح أيضاً واُقيمت فيها حفلات الأعراس، كما بُني بالقرب منها العديد من التماثيل لشعراء وأدباء أكراد.
أهم المواقع الأثرية في المنارة المظفرية
تعتبر المنارة المظفرية أعلى منارة في العراق، حيث بلغ ارتفاعها 45 متراً قبل أن تتعرّض لصاعقة قوية أودت بثمانية أمتار منها في العشرينيات من القرن الماضي ليُصبح ارتفاعها 37 متراً، ومع ذلك فهي لا تزال الأعلى بين نظيراتها مثل منارة الحدباء ومنارة داقوق، وتتكون المنارة من قسمين علوي وسفلي، أما القسم العلوي فيأخذ شكلاً هندسياً ثماني الأضلاع، له ستة أضلاع متساوية وضلعَين مختلفين، في حين يأخذ القسم الثاني شكلاً اسطوانياً يتغير قطره تنازلياً بالصعود نحو الأعلى، وفيه العديد من النوافذ التي وُضعت بهدف الإضاءة ودخول الهواء.
بُنيت جدران المنارة من الآجر الأحمر الذي جعلها تقاوم وتصمد أمام التقلبات المناخية وعوامل التعرية على الرغم من سقوط أغلب النقوش وزخارف السيراميك الأخضر والأزرق التي كانت تزين جُدرانها وأشرطتها بفعل هذه العوامل الطبيعية، ولِلمنارة بابان مستقلّان لكل منهما سُلمه الخاص به والمُكون من 110 درجة، وما يُميز عمران المنارة أن السُلّمان لا يلتقيان إلّا على الأرض ويفترقان بالصعود نحو الأعلى، حيث يُمكن لشخصين الدخول من بابين مختلفين والصعود للأعلى دون أن يلتقيا أو يرى أحدهما الآخر إلاّ في البداية على الأرض أو النهاية في القمة، كما لا يمكن للشخص الصّاعد أن يرى النّازل، وأما السّر في ذلك هو أن مصمم المنارة كان يهدف من نظام السُّلمين إلى تقوية المنارة وحمايتها من الميلان الكبير بسبب ارتفاعها.