إي نانو هو معبد قديم مكرس لعبادة الإله (نينجيرسو) أحد الآلهة السومرية حامي لجش، بنى الملك كوديا ملك لجش هذا المعبد في منتصف القرن 22 ق.م، وتم نقش قصة بناء هذا المعبد بشكل مفصل على أسطوانات كوديا التي تم إيجادها أثناء الحفريات في العصر الحديث، وهذا المعبد هو غير معبد الإلهة إنانا الموجود في مدينة الوركاء والذي بناه الملك أور نمو الذي حكم بين الفترة الممتدة من 2047-2030 ق.م، وهو مؤسس سلالة أور الثالثة في منطقة بلاد الرافدين، وهو مؤسس أول شريعة قانونية معروفة في التاريخ والتي سبقت شريعة الملك حمورابي بثلاثة قرون، وكان في دولة لجش القديمة ما لا يقل عن 20 معبداً كبيراً تم تخصيصها لعبادة آلهة الدولة، مثل معبد الإله نينجيرسو (إي نانو) وغيره من الآلهة، وكان يتبع الإله نينجيرسو ما بين 5000-6000 من العمال والخدم.
الملك كوديا
كوديا أو جوديا هو أحد أشهر ملوك السومريين لسلالة لجش التي كانت تحكم جنوب بلاد وادي الرافدين، وهو الملك السابع لسلالة لجش الثانية، الذي حكم من سنة (2144-2124 ق.م)، وحسب بعض المصادر التاريخية فإنه لم يكن من مدينة لجش، إلا أنه تزوج نينالا ابنة الملك أور زبابا (2144 – 2164 ق م) ملك لجش، وتعد مدة حكم سلالة لجش الثانية من أهم الحقب في تاريخ السومريين سواء من الجانب السياسي أو النهضة الحضارية في العراق القديم، وقد بلغت هذه السلالة أوج ازدهارها وقوتها في عهد الملك كوديا، حيث يعد عهده عهد انبعاث جديد في العديد من المجالات منها اللغة والثقافة السومرية.
أشار الملك كوديا في إحدى كتاباته التي وصلت إلينا أنه انتخب لمنصبه انتخاباً وذلك من بين 226.000 رجل، وأنه قد انتخب من قبل الإله (ننجرسو)، وقد عد كوديا نفسه بعد تسلمه العرش الوسيط بين إله المدينة (ننجرسو) والشعب، كما عد نفسه أيضاً الإله الشخصي لمدينة لجش.
بناء معبد إي نانو
احتفظ الملك كوديا كغيره من الملوك بسجلات مكتوبة عن جميع الأعمال والإنجازات المبهرة التي فعلوها للآلهة، وأفضل مكان لتسجيل هذه الأعمال هو جدران وأرضيات المعابد التي كانت موجودة أو يتم بناؤها خصيصاً لإله معين، ومن المعابد التي تم الأمر ببنائها كان معبد إي نانو للإله نينجيرسو، حيث أرسل الملك كوديا مواد نادرة لبنائه مثل خشب شجرة الأرز، كما قام كوديا أيضا بنقش تفاصيل عدة عن بناء المعبد على أشكال مخروطية كان يغرزها في جدران المعبد، وتم إيجاد المئات منها أثناء عمليات التنقيب، إذ تم إيجاد ما يزيد على 30 مخروطاً في المعبد، وظن علماء الآثار أنها كانت توضع وفق نمط معين، وقد تم إيجاد اسطوانتين منقوش عليهما قصة بناء المعبد تم تسميتهما أسطوانات كوديا.
أسطوانات كوديا
أسطوانات كوديا عبارة عن زوج من الأسطوانات المصنوعة من الطين النضيج تعود إلى حوالي 2125 ق.م، مدون عليهما أسطورة بناء معبد الإله نينجيرسو (معبد أي نانو) وذلك باللغة السومرية القديمة وبالخط المسماري، حيث صنع هذه الأسطوانات الملك كوديا لتدوين إنجازاته للآلهة، ووجدت الأسطوانات عام 1877م خلال أعمال الحفريات عند تالوها (جيرسو القديمة)، وهذه الأسطوانات معروضة اليوم في متحف اللوفر باريس، وتُعدان أكبر أسطوانات مسمارية مكتشفة لحد الآن، كما أنها تحتوي على أطول نص معروف مكتوب باللغة السومرية.
وجد عالم الآثار إرنست دي سارزيك الأسطوانات في قناة لتصريف المياه تحت مجمع معبد أي نانو في تالوها، وهي عبارة عن أطلال المدينة السومرية التاريخية المعروفة باسم مدينة جيرسو المقدسة خلال موسم الحفريات الأول عام 1877م، ووجدت الأسطوانات بجوار البناية المعروفة باسم (أجرين)، وتتضمن الأسطوانات كلاماً منقوشاً يشرح كيفية بناء المعبد خلال سلالة لجش الثانية بأمر من الملك كوديا، ووصفت الكتابات المنقوشة أيضاً بناية (أجرين) على أنها مكان المحكمة أو مجلس الرحمة، حيث يعتقد أنه المكان الأصلي لحفظ الاسطوانات، لكنها سقطت في قناة تصريف المياه خلال تدمير مدينة جيرسو بعد أجيال لاحقة.