تُعتبر العراق من الدول الغنية بالأضرحة الأثرية المقدسة والتي تنتشر في العديد من المحافظات العراقية، وتُعتبر العتبة الكاظمية واحدة من أشهر هذه الأضرحة وهي ضريح الإمام موسى الكاظم وحفيده، وتقع هذه العتبة في منطقة الكاظمية التابعة لمحافظة بغداد، ومن الجدير بالذكر أن المنطقة تحتوي على بعض الأضرحة الأخرى كذلك، حيثُ يقع ضريح الإمام محمد الجواد في الجهة المُقابلة لضريح الإمام موسى الكاظم، ويعمل جسر الائمة على الربط بين الأضرحة الموجودة في المنطقة والذي يُسهل أيضاُ بدوره حركة وصول الأشخاص إلى هذه الأضرحة.
تاريخ العتبة الكاظمية
يعود تاريخ العتبة الكاظمية إلى العصر العباسي، فقد كانت في ذلك الوقت عبارة عن مقبرة خُصصت لدفن كبار العلماء والرموز الدينية الذين وجدوا في ذلك العصر، ومع مرور الزمن تم هدم العديد من هذه القبور ليتم بناء مسجد واحد كبير يحتوي على قبتين، وقد تمت توسعة هذا المسجد بشكل أكبر مع نهاية القرن العشرين، وعُرفت هذه العتبة في ذلك الوقت باسم مقبرة قريش، ومن أهم الأشخاص البارزين الذين قد دفنوا في هذه المقبرة قبل الإمام موسى الكاظم هما: جعفر بن أبي جعفر المنصور الذي قام بتأسيس بغداد في عام 150 هجري، وحفيده الإمام محمد الجواد الذي توفي في مدينة سامراء وتم نقله إلى بغداد ودفن في جوار جده.
في عام 189 هجري توفي الإمام موسى الكاظم وتم دفنه في مقابر قريش، وقد تم تغيير اسمها فيما بعد إلى العتبة الكاظمية نسبةً له، وقام العديد من السلاطين والشيوخ بعملية توسعة وترميم لمنطقة القبور والعتبة، وكان أول من قام بذلك مُعز الدولة البويهي عام 336 هجري عندما أمر بتوسعة المرقد وبعد تعرضه للحريق أمر الخليفة العباسي المستنصر بوضع صندوق فوق المرقد عام 64 هجري، وقام إسماعيل الصفوي بإعادة إعمار المرقد وتبليط قاعاته بالرخام عام 914 هجري، وأمر سليمان القانوني عام 914 هجري ببناء منبر ومآذن في المسجد الموجود بجانب المرقد، وتم بناء قبتين وساعتين كبيرتين فيه أيضاً.
خريطة العتبة الكاظمية
عمارة العتبة الكاظمية
اهتم الخلفاء والسلاطين الذين تولوا حكم بغداد ببناء وتوسعة العتبة الكاظمية وركزوا بشكل أساسي على عمارة المسجد، حيث يتألف المسجد من عدة أقسام وهي:
القُبب والمآذن
يتميز المسجد في العتبة الكاظمية بوجود قبتين متساويتين في الحجم، وتتزين هذه القُبب بآيات من القرآن الكريم وبعض الزخارف الإسلامية من الداخل، ومن الخارج زُينت هذه القُبب بالذهب الخالص، وأما عن المآذن يتكون المسجد من أربع مآذن كبيرة ترتفع ما يُقارب 35 متر فوق سطح المسجد وقد تم تغليف هذه المآذن أيضاً بالذهب الخالص.
الصحن والأروقة
يتميز الصحن في مسجد العتبة الكاظمية بأنه يتكون من أربعة أقسام رئيسية وهي: صحن قريش، صحن باب المراد، صحن باب القبلة، وصحن جامع الجوادين، كما يتميز الصحن بوجود أبواب عديدة له ويبلغ عددها عشرة أبواب ومنها ثلاث أبواب رئيسية ولها أسماء معروفة وواضحة للاستدلال عليها، أما عن أروقة المسجد فهي ثلاث أروقة كبيرة مُزينة بالآيات القرآنية، ويتم استعمالها للصلاة عند امتلاء قاعات الصلاة بالمُصلين.
الغُرف
يتكون المسجد في العتبة الكاظمية من 62 غرفة، وقد تم توزيع هذه الغرف على الطوابق فتقع 14 غرفة في الطابق العلوي من المسجد، وبقية الغرف في الطابق السفلي، وتُستعمل هذه الغرف في تدريس الطلبة، كما استُخدم بعضها لدفن كبار العلماء والفقهاء، وتم تبليط هذه الغرف بالرخام وجُدرانها مُزينة بآيات ونقوش قرآنية.
قاعات المسجد
يتكون المسجد من أربع قاعات رئيسية وهي :
- القاعة الغربية: تتكون من باب واحد، وتتصل بالروضة وفي هذه القاعة قبر للعالم نصير الدين الطوسي.
- القاعة الشرقية: لها بابين موصلين بالروضة ، ولها أيضاً ثلاث أبواب تُطل على الرواق الخارجي.
- القاعة الشمالية: تُعتبر القاعة الأكبر من بين القاعات الأربعة، ولها باب واحد يتصل بالروضة وبُنيت جدرانها وأرضيتها من الرخام، وسُقفت بالزجاج الأبيض وفيها عدة مكتبات للقرآن.
- القاعة الجنوبية: لها باب واحد يتصل بالروضة، ولها ثلاث أبواب اُخرى تطل على الرواق الخارجي، ودُفن فيها عدد كبير من العلماء والفقهاء.
الصندوق
هذا الصندوق هو ضريح الإمام موسى الذي أمر بصنعه الخليفة المستنصر بالله العباسي، وهو مصنوع من خشب التوت، مستطيل الشكل، ويبلغ طوله حوالي 55 سم، ويبلغ عرضه 183 سم، ويبلغ ارتفاعه 65 سم، وقد تم تزيينه بالنقوش والزخارف .
الروضة الشريفة في العتبة الكاظمية
تنقسم الروضة الشريفة في العتبة الكاظمية إلى قسمين الأول يوجد به قبر الإمام موسى الكاظم، والقسم الثاني يوجد به قبر الإمام محمد الجواد، ويصل بين القبرين ممر ضيق، ويقع فوق كل قبر منهما قبة، وتتميز الروضة بأن أرضيتها وجدرانها مصنوعة من الرخام، ومُزينة بالعديد من النقوش والزخارف الإسلامية، إضافة إلى ذلك يوجد على جدرانها ساعات جدارية كبيرة، كما تحتوي على صندوقين من الخشب والزجاج السميك الذي تم وضعهما فوق القبور.
