تُعتبر منطقة النجف الأشرف من أشهر المدن العراقية؛ إلا أنّها ذات تميّز عن غيرها بسبب السوق الكبير في النجف الأشرف، الذي يُطلق عليه اسم المحلة أو الطرف، حيث يضم عدد كبير من المحلات التي تبيع جميع المنتجات ويوجد فيها عدد كبير من المهن.
السوق الكبير
يُعد السوق الكبير في النجف الأشرف معلم حضاري وسوق رئيسي؛ وذلك لأنّه يتمتّع بمساحة كبيرة ويُباع فيه كمية كبيرة من الأصناف التجارية؛ كما يوجد عدد كبير من المحال لحرف مختلفة، ويمتاز بقربه من ضريح الإمام علي كرّم الله وجهه.
يمتاز السوق بأنّه يُشبه الأسواق العثمانية، حيث إنّ سقفه مسقوف بألواح معدنية، وله هيكل خشبي، وتم تجديده آخر مرة في ثمانينيات القرن الماضي؛ إذّ تم وضع أشرطة معدنية جديدة للسقف.
تتوزّع في الوقت الحالي محلات مختلفة على طول السوق الكبير، إذّ يوجد محلات الصاغة، إلى جانب محلات الأجهزة الكهربائية، والصناعات الجلدية، والهواتف النقالة، والأقمشة الرجالية والنسائية، والكماليات، ومحلات العطور، ومحلات بيع الدهين، ومحلات بيع الفضة كالخواتم والمحابس والأجحار الكريمة، إضافةً إلى وجود محلات الصرافة المختصة ببيع وشراء العملة، إذّ يحتاجها زوّار السوق الذين يزورون المرقد الشريف للإمام علي ثم ينطلقون إلى زيارة السوق.
طرأت على ساحة الميدان عددًا من التغييرات وأهمها إنشاء النفق حتى تتمكن السيارات للوصول إلى السوق الكبير، كما تم إنشاء مرآب لاصطفاف السيارات؛ إلّا أنّه في عام 2003 تم إزالة النفق وتحويله إلى ساحة تضم الحدائق إلى جانب طريق يمكن استخدامه للدخول إلى السوق الكبير.
تجدر الإشارة إلى أنّ جميع محلات السوق تعود ملكيتها لسكان محافظة النجف الأصليين.
خريطة السوق الكبير
امتداد سوق الكبير وباعته
يمتاز السوق الكبير في النجف الأشرف بموقعه الجغرافي، إذّ يمتد من ساحة الميدان وصولًا إلى باب الصحن العلوي الشريف الذي يُعرف باسم باب الساعة، ويُطلق عليه من أهل المنطقة باسم باب السوق الكبير، وتجدر الإشارة إلى أنّ طول السوق الكبير 550 مترًا.
تفرعات السوق الكبير
يتفرّع السوق إلى فروع جانبية، وكل فرع من الفروع له تخصص في أمر معيّن، وسندرج فيما يأتي هذه التفرعات:
- عكد السيف: هو سوق يحتوي على مهن خاصة بخياطة الخيم، والحدادين، والصفارين “الصفافير”.
- عكد اليهودي: هو سوق مختص بصناعة وبيع الأحذية، ويُطلق عليه حاليًا اسم “عكد الشبيبي”.
- سوق القصابين: هو سوق مختص بمحلات بيع اللحوم فقط.
- سوق الصاغة: هو سوق الذهب وتصنيعه، ويُطلق على المحلات اسم “الصياغ”.
- سوق التجار: هو سوق يُباع فيه الأقمشة بأنواعها المختلفة.
- سوق العبايجية: هو سوق مختص بصناعة وبيع العباءة الرجالية والعقال الخاص بالرأس.
- سوق المسابح: هو سوق يختص ببيع الراشي (الطحينية)، والدبس، إلى جانب محلات البهارات والتوابل، ومحال أخرى تبيع الصناعات الغذائية.
- سوق العطور: هو سوق يختص ببيع العطور بأنواعها المختلفة الرجالية والنسائية، ويُطلق عليه اسم “سوق أبو الريحة”.
- القيصريات “قيصرية”: هو عبارة عن سوق له مدخل واحد، وعند الدخول إليه يجد الزائر عدد كبير من المحلات ذات التخصصات المتنوعة، وقد كانت تُسمّى سابقًا باسم خانات، ومن الأمثلة على القيصريات المتنوعة “قيصرية ابن معلة”، و”قيصرية عبد علي ناجي”، و”قيصرية ابن شمسة”، وهذه القيصريات تُشكّل أسواق صغيرة بحد ذاتها.
- سوق المشراق: هو سوق مختص ببيع الخضار والفواكه والمواد الغذائية.
- سوق الحويش: هو سوق متخصص ببيع المطبوعات والكتب.
تاريخ السوق الكبير
يُعدّ السوق الكبير سوق قديم جدًا، حيث أشار إليه الرحالة ابن بطوطة المعروف الذي زار محافظة النجف عام 770 وذكر وجود نواة السوق الأولى هنالك، إذّ وصف أسواق المدينة العامرة والمُختصّة في بيع مواد العطارة والمعروفة آنذاك باسم “سوق العطارين” إلى جانب محلات البقالة، ومحال بيع الفواكه والخضار.
يُذكر في بعض الكتب أنّ السوق الكبير كان يحتوي كذلك على خانات “فنادق” لمبيت زائري المدينة ولحفظ أمتعتهم، كما يضم مخازن للحبوب، إلى جانب المدارس الدينية والمساجد، وبعض المقابر، والمقاهي، وأماكن خاصة بربط الخيول.
يجدر الذكر أنّ السوق الحالي لا يزيد عمره عن 70 عامًا بعد تجديده، ولكن ما يُميزّه أنّه منطقة فاصلة بين الطرفيّ المشراق والبراق، حيث يخدم السوق الطرفين المتداخلين للمنطقتين، الأمر الذي جعل السوق يتطور بسبب حجم النمو السكاني المتزايد إلى جانب عدد الزوّار إلى المدينة.
كان يتم في كل فترة توسيع أسوار المدينة، وذلك بإزاحة المقابر والتوسّع باتجاه الشمال، الأمر الذي جعل شوارع المدينة تمتد وصولًا إلى الصحن الشريف.