تحفة إناء الوركاء الأثرية هي إحدى أقدم وأهم القطع الأثرية الفنية التي تم اكتشافها على مستوى العالم، حيث يزيد عمرها عن 5000 عام، وتحتوي على نقوش توضح الكثير عن العادات والطقوس الدينية التي كان يتبعها الشعب السومري، وقد تم صناعة إناء الوركاء من مادة الرخام الأبيض، ويأخذ الإناء الشكل الأسطواني بارتفاع يزيد عن المتر بقليل وله قاعدة مخروطية الشكل يبلغ طولها 15 سم وقطرها 20 وذلك لحفظ توازنه.
اكتشاف إناء الوركاء
تم اكتشاف تحفة إناء الوركاء الأثرية عام 1934 أثناء قيام بعثة ألمانية متخصصة في الآثار الآشورية بالتنقيب في مدينة أور الأثرية لتعثر على الإناء الذي تم تسميته باسم إناء الوركاء نسبة لمدينة الوركاء الأثرية.
قيمة إناء الوركاء
يتمتع إناء بقيمة كبيرة في الماضي والحاضر، حيث تمتع الإناء بقدسية ومكانة عالية لدى الشعب السومري نظراً لوجوده في معبد إنانا أحد أهم المعابد السومرية، وفي الوقت الراهن أكد الكثير من علماء الآثار على القيمة الكبيرة للإناء والتي نستعرضها باستفاضة في السطور التالية:
القيمة الفنية للإناء
عكس تصميم الإناء تفكير الفنان السومري في ربط تصميماته بالمعتقدات، حيث يتكون الإناء من سبعة حقول أفقية يعتقد أنها ترمز للسموات السبع أو أسوار العالم السفلي السبعة، ويقدم الإناء صورة متكاملة للفن السومري الذي ظهر خلال عصر الوركاء منذ أكثر من 5000 عام، والذي كان بمثابة قاعدة للفن في بلاد الرافدين خلال هذه الحقبة الزمنية، حيث يعكس الإناء اتباع الفنان السومري للأسلوب الطبيعي والتجريدي معاً في القيام برسم صور ذات تكوينات متعددة ذات تناغم واتساق مذهلين، وهو الأمر الذي يدل على مدى تقدم الفن في العصر السومري وتميز الفنانين خلال هذه الحقبة الزمنية بقدرات عقلية قادرة على نقل جميع الأشكال الطبيعية وتحويلها لصورة آية في الجمال.
القيمة الثقافية للإناء
عند رؤية للإناء للمرة الأولى ربما يمكنك إدراك الفكرة الأساسية لنقوشه والتي تتمثل في بعض العادات والتقاليد الدينية التي اتبعها السومريون خلال بعض المواسم مثل الأعياد الزراعية خلال لحظات قليلة، إلا أن المتخصصين في العصر السومري احتاجوا لوقت طويل لتحديد ماهية هذه النقوش ومعانيها بدقة، حيث أكدت بعض تقارير المختصين حول هذه النقوش أنها كانت بمثابة توثيق للعادات الدينية والتي حملت في طياتها الكثير من الأسرار كما يلي:
- حمل الحقل الأول أسفل إناء الوركاء خطين متموجين في إشارة إلى الماء الذي أدرك الفنان السومري أهميته للحياة.
- تضمن الحقل الثاني مجموعة من سنابل القمح التي تنبت على ضفاف النهر.
- يحتوي الحقل الثالث على مجموعة من الكباش والنعاج التي تسير في صف دقيق بصورة تدل على إدراك الفنان السومري لضرورة عزل النفس النباتية النامية عن النفس الحيوانية الحساسة.
- يوضح الحقل الرابع من الإناء مجموعة من الرجال الذي يسيرون في صف حاملين العديد من السلال التي تحتوي على العديد من الخضروات والفواكه ومنتجات الألبان لتقديمها كقربان للإله الذي وهبهم كل هذه الخيرات.
- أتى الحقل الخامس فارغاً، في حين حمل الحقل السادس الكثير من المعاني، حيث أظهر الإله نانا في قمته بين أعواد القصب في إشارة لاستجابة الإله للإنسان نتيجة تقديم القرابين، وعلى الجانب الآخر من الحقل يوجد نقش لشخصين أحدهما يظهر من ملابسه أنه أحد الشخصيات الهامة ويرجح أن يكون تمثيل لكاهن المعبد الذي يقود عملية تقديم القرابين للآلهة.