كهف شاندر هو واحد من أشهر الكهوف الأثرية التي تدل على عصور ما قبل التاريخ في منطقة الشرق الأدنى ومنطقة غربيّ آسيا، وهو أوسع وأكبر الكهوف الموجودة في منطقة كردستان العراق، تم اكتشاف هذا الموقع الأثري الهام من قبل عالم الآثار الأمريكي رالف سوليكي عام 1951، عندما كان عضواً في بعثة جامعة مشيغن الأثرية، وقد اكتشف عالم الآثار خلال التنقيبات بأن هناك طبقات متراكمة من البقايا والآثار في أرضية الكهف تشير إلى أن العديد من الأجناس البشرية سكنت الكهف على مر أجيال متتالية وعصور متعاقبة، ويعد الآن وجهة سياحية، إذ تم افتتاح الكهف للجمهور بوصفه معلماً أثرياً وسياحياً عام 2013.
وصف كهف شاندر من الداخل
يأخذ الكهف من الداخل شكل مثلث عرضه حوالي 53م، وطوله 40م، وارتفاعه 8م، وتقدر سعته وارتفاعه عند البداية بعد المدخل إلى حوالي 25م، ويتسع عرضه في الداخل فيصل إلى حوالي 175 قدماً، ويرتفع سقفه في الوسط إلى نحو 45 قدماً.
تاريخ كهف شاندر
يعد كهف شاندر من أقدم المستوطنات البشرية التي تم اكتشافها، حيث يعود تاريخه إلى أدوار العصر الحجري القديم المعروف باسم (الدور المستيري)، أي ما بين الفترة الممتدة ما بين 50-70 ألف سنة، حيث عُثر في نهاية عام 2019 أثناء عمليات التنقيب على هيكل عظمي لإنسان يعود إلى حوالي 70 ألف عام، ثم يأتي الدور الأوغنيشي كانت بدايته قبل 30 ألف عام، وشهد الكهف أيضاً استيطان البشر للحق التالية حيث عثر فيه على أدوات من العصر الحجري القديم الذي كانت بدايته منذ 12 ألف عام، وقد عثر فيه على هياكل عظمية لإنسان النياندرتال الذي عاش في تلك الفترة، وعاش فيه البشر في فترة العصر الحجري الحديث الذي كانت بدايته منذ 10 آلاف عام، حيث عُثر في الطبقات العليا منه على مجموعة من الهياكل العظمية للإنسان العاقل من العصر الحجري الحديث.
خريطة كهف شاندر
التنقيبات التي أجريت في كهف شاندر
أجريت التنقيبات في كهف شاندر لأول مرة في الفترة الممتدة بين عاميّ 1951ـ1961 من قبل العالم الأمريكي رالف سولكي وفريقه من جامعة كولومبيا، حيث شهد الكهف أولى عمليات التنقيب عن إنسان النياندرتال، واكتشف خلال عمليات التنقيب 9 هياكل عظمية من مختلف الأعمار، لكنه لم يتمكن من استخراج هذه الهياكل بشكل كامل وتبقت بعض الأجزاء منها مدفونة تحت التراب، وفي التنقيبات التي امتدت بين عام 2014-2018 من قبل فريق جامعة كامبريدج تم إيجاد الهيكل العظمي العاشر، وينتظر الفريق الانتهاء من كافة عمليات التنقيب لإجراء تحليلات للهيكل العظمي المكتشف لمعرفة أسباب موت هذا النوع من الإنسان وهل دفن أم لا؟ بالإضافة إلى تأثيرات العوامل البيئية عليه بهدف التوصل إلى معلومات قد تؤدي إلى تغيير الكثير من النظريات العلمية الخاصة بالإنسان القديم، وفي عام 2022 كان فريقان أثريان يعملان أيضاً في مجال التنقيب يقومان بعمليات جديدة، أحدهما من جامعة كامبردج والثاني من جامعة أوتونوموس البارسيلونية.
لن تتوقف عمليات التنقيب قريباً لوجود الكثير من الأسرار التي لا زالت مدفونة هناك، فعملية التنقيب خلال السنوات المقبلة ستكون في داخل كهف شاندر ومحيطه، حيث وجد داخل الكهف أيضاً مقبرتين تعودان إلى العصر الحجري الحديث الخزفي السابق، والتي يرجع تاريخ إحداهما إلى حوالي 10.600 عام وتضم 35 فرداً.
محتويات كهف شاندر
عثر في كهف شاندر بعد التنقيبات على دفنة اشتملت على عظام وجماجم حوالي 15 حيواناً من الماعز، وعظام وريش نسور وصقور بلغت حوالي 17 طائراً، ومن الآثار التي وجدت 9 هياكل عظمية لإنسان النياندرتال وفي حالات مختلفة من الحفظ والكمال، أهمها ما يلي:
- شاندر 1: هو عبارة عن هيكل عظمي لإنسان نياندرتال ذكر بدائي معروف باسم (ناندي) كان عمره بين 40-50 عاماً.
- شاندر 2: هو هيكل عظمي من نفس الفترة كان يعاني من كسر في جمجمته وعظامه، ويوجد دليل على أن شاندر 2 قد تلقى جنازة وداع عند دفنه بعد وفاته.
- شاندر 3: كان شاندر 3 هيكل عظمي لذكر نياندرتال عمره بين 40-50 عامًا، وجد في نفس مقبرة شاندر 1 وشاندر 2، وبعد الدراسات تبين أنه يعاني من كسر في ضلعه التاسع وأنه مات نتيجة طعنة بأداة في الصدر، كما عانى شاندر 3 من الداء المفصلي التنكسي في قدمه، حيث كان يعاني من كسر أو تمزق.
- شاندر 4: وجد في المقبرة المزهرة، وهو عبارة عن هيكل عظمي لذكر بالغ عمره بين 30-45 عاماً، كان موضوعًا على جانبه في وضع جنيني جزئي.
التنقيب في محيط كهف شاندر
عند التنقيب في محيط كهف شاندر تم إيجاد آثار قرية أثرية هي قرية (زوي جم)، والمعلومات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن هذه القرية أقدم من قرية جرمو التي تعد إحدى أقدم القرى على سطح الأرض والواقعة في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية، وقد أكد أن فريق جامعة أوتونوموس الذي يعمل في قرية (بانه هيلك)، التابعة لسوران خلال عمليات التنقيب أنه تمكّن من الكشف عن بعض الآثار هناك، مبيّناً أنه جرى العثور على موقع أثري في قرية (بانه هيلك)، وهو عبارة عن تلة تعود إلى العصر الحجري المعدني، حيث عاش الإنسان في هذه القرية منذ حوالي 7000 سنة، والرُّقُم الطينية التي تم العثور عليها هناك تحمل صوراً لمعلومات فلكية، والتي تبيّن أن ذلك العصر شهد دراسات فلكيةً، ووهذه الدراسات تُظهر بحث الإنسان القديم في الفلكيات قبل البابليين بحوالي 2000 سنة.
كما جرى العثور في قرية (بانه هيلك) على ثلاثة بيوت، وفي العام الذي يسبقه تم اكتشاف بيتين يعودان إلى 7000 سنة، والبيوت هذه تُعَدّ من البيوت الأولى ذات الزوايا، والتي تلت عصر البيوت الدائرية، وعثر أيضاً على خاتم يحمل صورة الشمس، ومجموعة متنوعة من آلات المصنوعة من العظام.
أسئلة شائعة
يقع كهف شاندر على بعد 162كم من مركز مدينة أربيل في المنطقة الوسطى من أعالي سلاسل جبال زاكروس، وتحديداً عند الحافة الشمالية الغربية لسلسلة جبل برادوست على ارتفاع يصل إلى 822 متراً فوق مستوى سطح البحر، ويبعد الكهف حوالي 3كم عن نهر الزاب الكبير.
عند الانطلاق من أربيل يجب المرور من البلدات التالية تباعاً، والبداية تكون من قرية صلاح الدين، ثم شقلاوة وحرير، وعند الوصول إلى جبل سبيلك هنالك طريق يتفرع من طريق هاملتون باتجاه اليسار، وبعد اجتيازه هناك عدة قرى باتجاه بلدة بلي ومنطقة بارزان، ثم الوصول إلى قرية شاندر، وفي نهاية القرية هناك طريق فرعي يصل نحو كهف شاندر، وهنالك طريق أخرى تبدأ من مدينة سوران بالقرب من منطقة (زار كلي) نحو منطقة ميركه سور وكوره تو وصولاً إلى الكهف.
على بعد 500م من الكهف هنالك مكان مُعد لاستقبال السياح وموقف للسيارات، وللوصول إلى الكهف يمكن صعود درج حجري، وهناك يوجد العديد من أماكن الراحة والمكوث كالمصطبات يستطيع الزوار إمضاء بعض الأوقات فيها، ويوجد سياج حديد مشبك لمنع دخول الحيوانات البرية والدواب إلى داخل الكهف.